اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
جبل لبنان - بولين فاضل - تصوير: محمود الطويل
في بلد يرزح تحت وطأة الأزمات المتلاحقة، اختارت مجموعة من عشاق الحيوانات أن تعيد الأمل إلى المشهد اللبناني بطريقة مختلفة تماما. ففي عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وتحديدا يومي السبت والأحد، احتضنت حدائق وقاعات «تانيت» في منطقة زكريت - نهر الكلب بمحافظة جبل لبنان حدثا فريدا من نوعه نظمته «الكانيل كلوب في لبنان» The Kennel Club of Lebanon، تمثل في 4 عروض مميزة للكلاب الأصيلة، جمعت بين الطابعين العالمي والمحلي، وسط أجواء من الفرح والترفيه.
وشملت العروض اثنين عالميين من نوع CACIB، وعرضا محليا من نوع CAC، إضافة إلى عرض خاص لمنح شهادات أصالة (Pedigree 2) للكلاب غير المصنفة. تولى التحكيم في هذه الفعاليات الحكمان الدوليان «جورج كوستابولوس» من اليونان و«كالين سيمو» من رومانيا، اللذان أثنيا على مستوى التنظيم والمشاركات اللافتة التي عكست حب اللبنانيين للكلاب واهتمامهم بتربيتها وفق المعايير الدولية.
وشهدت العروض اختيار عدد رائع من الكلاب المميزة جدا، ففاز بلقبي «الأفضل في العرض» كلبان من نوع «Poodle» لصاحبته كريستينا كلاس، و«German Shepherd» لصاحبه أنطوان بوناهض، أما في العرض المحلي ففاز كلب من نوع «Rottweiler» لصاحبه أنطوني ديب.
يذكر أن أنواع الكلاب الأصيلة المعتمدة من الاتحاد الدولي F.C.I، ومقره بلجيكا، هي أكثر من 400 نوع، تقسم إلى 10 مجموعات. وعادة ما تبدأ مسابقات الأصالة باختيار الأفضل في النوع، ثم المجموعة، ثم الأفضل في العرض ووصيفه. ومن ضمنها تصنيفات على أساس الجنس أو الفئات العمرية (Baby, Puppy, Junior, Open, Veteran).
تاريخ عريق ورسالة مستمرة
تعود جذور هذه الجمعية إلى عام 1974، حين أسستها إيلين مالك ومعها مجموعة من الناشطين ومحبي البيئة، مثل إيدا علم الدين، بهدف الحفاظ على أصالة الكلاب في لبنان وضمان نقاء سلالاتها. وفي العام التالي، انضمت الجمعية إلى الاتحاد الدولي لتأصيل الكلاب F.C.I، الذي يعد أكبر منظمة عالمية تعنى بتسجيل الأنساب والأنواع وتحديد المعايير الصحية والسلوكية والجمالية للكلاب الأصيلة.
منذ تأسيسها، لم تكتف الجمعية بتنظيم المسابقات، بل جعلت من رسالتها التوعية والتربية المسؤولة، من خلال التثقيف حول صحة الكلاب، وتحسين أنسابها، ومنح شهادات الأصالة (Pedigree) للكلاب المعروفة النسب لأجيال متعاقبة. وقد لعبت الجمعية على مدى عقود دورا رياديا في نشر ثقافة العناية بالحيوانات الأليفة في لبنان، وتعزيز فكرة أن اقتناء الكلب مسؤولية أخلاقية قبل أن يكون هواية.
أجواء ترفيهية جمعت المتعة بالمسؤولية
تنوعت الأنشطة خلال يومي العرض بين مسابقات للجمال والطاعة والعروض الحرة التي سمحت للكلاب بإظهار رشاقتها وانسجامها مع أصحابها. كما خصصت زوايا للأطفال والعائلات لالتقاط الصور والتفاعل مع الحيوانات، في أجواء مفعمة بالبهجة والاحترام المتبادل بين الإنسان وصديقه الوفي.
لم يكن الحدث مجرد منافسة بين سلالات نادرة، بل احتفال بالقيم التي تمثلها الكلاب: الوفاء، والمساعدة، والإخلاص. وقد تحولت ساحة العرض إلى مساحة لقاء بين الهواة والمحترفين والجمهور العريض الذي تابع بشغف لحظات الفوز والتكريم، مستمتعا بالأنشطة الترفيهية والموسيقية المرافقة.
رئيسة الجمعية: «قمت بألف عمل ولم يساعدني أحد سوى الكلاب»
في حديث خاص لـ «الأنباء»، أكدت رئيسة الجمعية إيلين مالك، أن «المسابقات التي ينظمها (الكانيل كلوب) تخضع لقوانين دقيقة لاختيار الفائزين ومنح شهادات الأصالة، ولا مجال فيها للمجاملات أو العشوائية»، مشددة على أن «الكلب يجب أن يكون مدربا ليقوم بما وجد له أن يقوم به، لمساعدة الإنسان».
وتضيف مالك بكثير من الصدق والعاطفة: «في مشوار حياتي الطويل والغني بالمحطات، قمت بألف عمل وعمل، لكن أحدا لم يساعدني في هذه المهام سوى الكلاب، لأنها الوحيدة التي تملك الوفاء، الالتزام، وحس المساعدة والرفقة».
كلماتها تختصر فلسفة الجمعية التي لا تسعى فقط للحفاظ على أنساب الكلاب، بل لتذكير الإنسان بمعاني الإخلاص التي كثيرا ما نفتقدها في عالم اليوم.
إرث من الحب والمسؤولية
منذ نصف قرن تقريبا، يواصل «الكانيل كلوب في لبنان» رسالته في تعزيز العلاقة بين الإنسان والحيوان، وفي نشر ثقافة الرفق بالحيوانات والوعي البيئي والاجتماعي المرتبط بها.
ومع كل عرض جديد، تتجدد القناعة بأن لبنان، رغم أزماته، ما زال يملك مساحات من الجمال والإنسانية والترفيه والمتعة التي لا تتوقف في هذا البلد الجميل بطبيعته وشعبه ومبادريه، مثل إيلين مالك.