اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
يُصنّف سرطان الخصية كواحد من أكثر أنواع السرطان شيوعا لدى الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و35 عامًا. وعلى الرغم من ندرته مقارنةً بأنواع السرطان الأخرى، إلا أنه يتميز بنسبة شفاء مرتفعة عند اكتشافه في مراحله الأولى. ومع ذلك، فإن غياب التوعية، والخجل، وتجاهل الفحوصات الوقائية يؤدي في كثير من الأحيان إلى تأخر التشخيص، مما قد يقلّل من فعالية العلاج.
يبدأ سرطان الخصية عادةً بظهور كتلة صغيرة غير مؤلمة في إحدى الخصيتين، أو تغيرات ملحوظة في الحجم أو الشكل، وهو ما يجعل الفحص الذاتي أداة لا غنى عنها للكشف المبكر. ينصح الأطباء بإجراء هذا الفحص بانتظام مرة واحدة شهريًا، ويفضل أن يكون بعد الاستحمام بالماء الدافئ، لأن حرارة الماء تساعد على ارتخاء كيس الصفن مما يسهل تحسس أي كتل أو تغيّرات غير طبيعية. ولا يتطلب الفحص الذاتي سوى دقائق معدودة، لكن تأثيره على صحة الرجل يمكن أن يكون بالغ الأهمية.
يبدأ الفحص بتحسس كل خصية برفق باستخدام الأصابع والإبهام، مع التركيز على اكتشاف أي تصلب، تورم، أو شعور بثقل غير مبرر. وإذا تم العثور على كتلة، لا يعني ذلك بالضرورة وجود سرطان، ولكن من الضروري التوجه فورًا للطبيب لإجراء الفحوصات الطبية مثل الموجات فوق الصوتية وتحاليل الدم الخاصة بالمؤشرات الورمية، والتي تساهم في التشخيص الدقيق. يجدر بالذكر أن التدخل المبكر يعزز فرص العلاج الناجح، ويجنب المريض المضاعفات الخطيرة.
تكمن خطورة سرطان الخصية في سرعة تطوره، إذ قد ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم في وقت قصير إذا لم يتم التعامل معه مبكرًا. ومع ذلك، فإن التقدم الكبير في طرق العلاج مثل الجراحة الدقيقة، والعلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، مكن الأطباء من تحقيق نسب شفاء عالية جدًا، تصل في كثير من الحالات إلى أكثر من 95% عند اكتشاف المرض في مراحله الأولى. هذا النجاح في العلاج يجعل الوعي والفحص الذاتي أدوات رئيسية لإنقاذ الحياة.
إضافة إلى ذلك، فإن الأثر النفسي والاجتماعي لسرطان الخصية كبير، خاصةً وأنه يصيب فئة الشباب الذين قد يواجهون تحديات نفسية بسبب التشخيص والعلاج، وقد تؤثر بعض الإجراءات الطبية مثل استئصال الخصية على الخصوبة أو الصورة الذاتية للرجل. لذا فإن الكشف المبكر لا يساعد فقط على علاج المرض، بل يسهم أيضًا في تقليل الضرر النفسي والجسدي المرتبط به.
ولهذا السبب، فإن نشر ثقافة الفحص الذاتي والفحوصات الدورية يجب أن يكون جزءًا من برامج التوعية الصحية في المدارس والجامعات وأماكن العمل. وينبغي أن تتضمن هذه البرامج توجيه الرجال إلى كيفية القيام بالفحص بشكل صحيح، والتأكيد على أن الوقاية أفضل بكثير من العلاج، وأن المعرفة بالحالة الصحية تمنحهم سيطرة أفضل على حياتهم.
في الختام، لا يقتصر سرطان الخصية على كونه مرضًا جسديًا فقط، بل يمتد تأثيره ليشمل الاستقرار النفسي والاجتماعي للمصاب. لذلك، فإن اليقظة الشخصية، والاهتمام بالصحة من خلال الفحص الذاتي المنتظم، والالتزام بمواعيد الفحوصات الطبية، تشكل درع الحماية الأول أمام هذا المرض. يجب على كل رجل أن يتذكر أن صحته بين يديه، وأن الاهتمام المبكر يمكن أن ينقذه من مخاطر كبيرة، ويمنحه حياة طبيعية مليئة
بالأمل والطموح. فالفحص الذاتي خطوة بسيطة لكنها قد تغيّر مصير الإنسان بالكامل، فلنكن دائمًا على وعي ومسؤولية تجاه أجسادنا.