اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ١٩ أيار ٢٠٢٥
لم يتخل حسان أيوب ابن بلدة عيترون عن زراعة الزعتر، ما إن انتهت الحرب حتى عاد لزراعة 'شتلة الصمود' أو 'ذهب الجنوب الأخضر' كما يقول، لم يأبه بالخسارة التي مني بها من جرّاء خسارته أكثر من ثلاثة دونمات زعتر بري، ما فكر فيه كيف يستعيد عافية هذه الزراعة لأن الزعتر يمثل لأبناء عيترون 'الصمود'.
منيت زراعة الزعتر أو 'اقتصاد الجنوب الحديث' بخسائر كبيرة من جرّاء الحرب، الزراعة الواعدة التي لجأ إليها كثير من أبناء القرى الحدودية كبديل عن التبغ، أصيبت بنكسة، وتراجع في الإنتاج، إسوة بكثير من الزراعات.
في بلدة عيترون، وتحديداً في حقل المعلم حسان أيوب، ما زالت شتلة الزعتر أو كما يقول عنها 'شتلة الصمود' حاضرة في جزء من حقله، يقصها، ينشرها في الشمس، باتت مورد رزقه الوحيد مؤخراً، بل كما يقول 'تحوّلت إلى ركيزة اقتصادية لكثيرين من مزارعي عيترون'، اتّخذوها مصدر عيشهم المربح.
أكثر من أربعة دونمات من الأرض كان أيوب يزرع قبل الحرب، كانت تنتج له 350 كيلو من الزعتر البري الأصيل، هذا الإنتاج تراجع اليوم إلى 80 كلغ فقط بعد يباس الشتول بسبب الأعشاب التي غطّتها.
يحمل أيوب مقصّه وينطلق في قصّ شتول الزعتر التي أتى ببذورها من الحقول البرية وأعاد زراعتها ضمن مساكب لتعزيز زراعة الزعتر البري، لأن عيترون تعاني أزمة مياه، معظم زراعاتها بعلية يقول أيوب الذي لا يتردّد بالقول إنه 'ماضٍ في زراعة الزعتر لأنها تعزز الصمود في الأرض وتعزز القوة الاقتصادية للمزارع'.
عادة ما يعمل أبو علي مع زوجته وابنه في هذه الزراعة التي استعاضوا بها عن الدخان، يرون فيها 'الحلم الاقتصادي'.
زاد الطلب مؤخراً على الزعتر البلدي، وشهد طفرة في سعره بحيث تجاوز سعر الكيلو الواحد العشرين دولاراً، وهو ما دفع كثيرين من مزارعي التبغ للجوء إليه لأنه أكثر إنتاجاً من التبغ الذي يباع الكيلو منه فقط بـ 6 دولارات.
عاد جزء يسير من أبناء عيترون إلى بلدتهم التي دمرت بنسبة 90 في المئة، من عاد بدأ يستثمر في الزراعة، فهي المورد الاقتصادي الوحيد لهم، يقول أيوب 'الزراعة هي الروح، والزعتر هو الصمود ولن نتخلى عنه رغم ما حلّ به'.
عند أطراف الحقل تجلس أم علي زوجة حسان أيوب تورّق شتول الزعتر وتنقّيها من الشوائب، تمضي ساعات في عملها، باتت علاقتها بالزعتر كعلاقتها بأولادها، فهي سبب عودتهم للبلدة.
في حسابات أم علي 'الزعتر منتج ومربح ويشكّل زراعة واعدة مستقبلاً' ولا تخفي أن المساحة الزراعية بالزعتر ستتوسّع من جديد.
تفوح رائحة الزعتر البري في أرجاء المكان، ترشدك إلى حقول الزعتر، حيث يُمضي أبو علي وزوجته الوقت في رعايتها، تقول أم علي 'يأخذ وقتاً ورعاية كبيرة بين زراعته وإعادة شتله في الحقل ومن ثم قصه وتجفيفه ليصل إلى مرحلته الأخيرة، هذه المراحل التي يمرّ بها الزعتر تجعل إنتاجه مهماً والطلب عليه كبيراً'.
وتشير إلى أن الزعتر يدخل في كثير من الصناعات الطبية والتجميلية وراج مؤخراً نظراً لفوائده الصحية الكثيرة.
لم تدعم الدولة يوماً مزارعي الجنوب، لطالما واجهوا ظروف الحياة وحيدين. اليوم، أضيفت إلى معاناتهم آثار الحرب التي خلّفت خسائر بمليارات الدولارات في القطاع الزراعي.
لا تخفي أم علي هذا الواقع، غير أنها تقول: 'لن أترك الزعتر لأنه روح الضيعة' وتراه من مقومات الصمود اليوم، لجأت إليه لأنه مربح أكثر من الدخان، وبعليّ لا يحتاج إلى مياه.
زاد الطلب على الزعتر في ظل تراجع الإنتاج وهو ما أدى إلى ارتفاع سعره، يقول أيوب إنه 'ينتج موسماً واحداً لأنه بعليّ، لو كانت لدينا مياه كنا ننتج أربعة مواسم من الزعتر، ويزيد الإنتاج أكثر، ولكن للأسف'.
يتّجه أيوب لزراعة مزيد من الحقول العام المقبل لتعويض خسارته، لا يعوّل كثيراً على تعويضات الدولة للمزارعين 'ما شفنا شي بعد'. ما يريده هو إعادة عجلة الحياة الاقتصادية لبلدته، فالزراعة ركيزة أساسية في عيترون معظم زراعاتها بعلية، وتعدّ رائدة في الإنتاج الزراعي غير أن الحرب غيّرت حالها الزراعية.
يتحدّى أبناء عتيرون واقعهم الزراعي الصعب، لجأوا إلى الزراعات البعلية، فالبلدة تواجه أزمة مياه جادة، ومصلحة المياه لم تجر تصليحات الشبكة بعد الحرب، ومع ذلك يحتلّ الزعتر المرتبة الأولى حالياً. فهو بديل الدخان القادم فهل يحظى بدعم وزارة الزراعة؟