صراع "رينو" و"ستيلانتس" على مستقبل رياضة المحركات

في عالم تتسارع فيه الأخبار الرياضية، برزت خصومة جديدة بين إثنين من كبار صانعي السيارات الأوربيين تتجلى معالمها على الحلبات المعبدة والمسارات الوعرة.

تسعى "رينو" و"ستيلانتس" إلى تحقيق الأهداف ذاتها وتمتلكان مجموعة من العلامات التجارية الّتي يمكن الإستعانة بها في هذا السباق نحو الهيمنة والسيطرة.

أوبلVS  ألبين

تضطلع "أوبل" بدور ريادي في عالم الراليات إذ صمّمت أول سيارة رالي كهربائية في العالم معروفة بإسم(Opel Corsa e-Rally) كما أطلقت بالتعاون مع النادي الألماني للسيارات (ADAC)"كأس أوبل لسيارات الرالي الكهربائية" الّتي تُعد أول بطولة من نوعها عالميًا. ساهمت هذه البطولة خلال السنوات الأربع الماضية في تطوير مواهب شابة وإظهار الأداء التنافسي للسيارات الكهربائية. وفي شهر أيّار الماضي، كشفت الشركة الألمانية عن الجيل الثاني من سياراتها الكهربائية، فيوّلد محرك(Opel Mokka GSE Rally)  قوّة 260 حصانًا وتعّد أوّل سيارة تمّ تصميمها وفقًا لمعايير الاتحاد الدولي للسيارات "فيا" عن فئة(eRally5).

أما "ألبين"، فهي ليست إسمًا مغمورًا بل صاحبة إرثً عريقً يعود إلى سبعينيات القرن الماضي إذ فازت سيارتها الأسطورية(A110) بالنسخة الأولى من بطولة العالم للراليات عام 1973 قبل أن تغيب لعقودٍ بسبب الأزمات المالية. عام 2019، عادت "ألبين" إلى المنافسات من خلال سيارة(A110 Rally GT) ذات الدفع الثنائي والمصمّمة للمسارات المعبّدة. حاليًا، تسعى العلامة الفرنسية إلى دخول عالم الراليات الكهربائية من بوابة طرازها الجديد  (A290)الّذي تم الكشف عنه في مطلع شهر تموز الجاري. وتعدّ السيارة الجديدة مستوحاة من طراز(Renault 5 E-Tech) وتتماشى مع معايير (eRally5).

رينوVS بيجو ولانسيا

في العام 2022، إعتمد الاتحاد الدولي هرمًا تنظيميًا جديدًا وقسّمه إلى خمس فئات رئيسية. يتركّز الصراع اليوم بين "رينو" و"ستيلانتس" على السيطرة على الفئات الدنيا لأنها تشكّل بوابة الدخول إلى عالم الراليات، حيث يبدأ معظم السائقين الهواة والمحترفين مشوارهم قبل الارتقاء إلى الفئات العليا إن سمحت مواردهم المالية بذلك.

توفّر "رينو" فرصة التدرج الهرمي عبر سيارة(Renault Clio Rally) المتوفرة بثلاثة طرازات تطابق معايرها الفئة الثالثة حتّى الخامسة ضمنًا. وفي المقابل، ترّكز "ستيلانتس" جهودها على الفئة الرابعة إذ تمتلك ورقتي "بيجو" و"لانسيا" في جعبتها.

تُعّد سيارة(Peugeot 208 Rally4) خيارًا موثوقًا على الساحة الأوروبية بينما تعتبر سيارة(Lancia Ypsilon Rally4 HF) المنصة الّتي يحاول أن يسترد عبرها المارد الايطالي أمجاد الماضي بعد غياب دام ثلاثة عقود.

وإتخذت المنافسة بين الطرفين بُعدًا جديدًا إذ كشفت الشركات الثلاث أخيرًا عن سيارات مخصصة لفئة جديدة إستحدثها الإتحاد الفرنسي للسيارات(FFSA) معروفة بإسم(FR6) أي الفئة السادسة الفرنسية.

نيسانVS مازيراتي... أو من ينوب عنها

يسعى الصانعان إلى تثبيت مكانتهما كلاعبٍ محوري في سوق السيارات الكهربائية وتعدّ المشاركة في بطولة الفورمولا إي(Formula E) الساحة المثالية لتحقيق هذا الطموح. عندما تأسست البطولة في العام 2014، كان حلم السيارات الكهربائية في بدايته وأراد الصانعان أن يكونا جزءًا من الثورة التكنولوجية الكبرى الّتي كانت ترتسم أولى معالمها حينذاك.

فشاركت "رينو" منذ الموسم الأوّل وحصدت لقب بطولة الصانعين ثلاث مرات خلال أربعة مواسم قبل أن تنسحب في العام 2018 وتسلّم المشعل لشريكتها اليابانية "نيسان" الّتي يتصدر سائقها البريطاني أولفير رولاند بطولة العالم للسائقين بفارقٍ كبير مع بقاء أربع جولات على إنتهاء الموسم الحالي.

خلال العقد الماضي، إعتمدت "ستيلانتس" مقاربة مختلفة عن نظيرتها الفرنسية سمحت لها حصد نتائج مميزة مثل لقب الصانعين في مناسبتين ولقب السائقين مرتين مع الفرنسي جان أريك ڤيرن، السائق الوحيد الّذي حقق هذا الإنجاز حتى تاريخه. فلا تمتلك "ستيلانتس" فريقًا واحدًا بل إستخدمت علامتها التجارية لبناء شركاتٍ فنيّة مع عدة جهات إذ تحالفت "دي أس أوتوموبيل" مع فريق "جاي بنسكي" تحت مسمّى(DS Penske) و"مازيراتي" مع "أم أس جي رايسيغ" تحت مسمّى (Maserati MSG Racing).

ويبدو أنّ مغامرة "ستيلانتس" مع الفومولا إي لن تنتهي في المستقبل القريب إذ تدرس الشركة خيارتها جيدًا لتدخل حقبة الجيل الرابع(GEN4) المقرّر إطلاقها في موسم 2026-2027 بأفضل طريقة ممكنة. وذكرت تقارير صحافية إنّ "ستيلانتس" لن تجدد شراكاتها الحالية وإنّها تعمل على إستراتجية مختلفة تشمل إنضمام "أوبل" إلى البطولة في العام 2026 بدلًا من "مازيراتي" وإمكانية إنشاء فريق "سيتروين" رسمي خلال عاميين.

تحوّلت المنافسة الهادئة إلى سباق محموم للهيمنة على مستقبل رياضة السيارات. تراهن "رينو" على الإرث والتجديد بينما تضع "ستيلانتس" أوراقها على التنوع والتوسّع.

كثر الحديث وتعدّدت التحليلات لكن في النهاية كل شيء يُحسم عند بدء السباق. كريستيان الضاهر