اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
كتب صلاح سلام في 'اللواء':
تطيير جلسة مجلس النواب أمس شكّل صفعة جديدة للمسار التشريعي في لحظة دقيقة يحتاج فيها لبنان إلى كل مبادرة إنقاذية تعيد الثقة بالدولة ومؤسساتها. فتعطيل إقرار القوانين الإصلاحية، وفي مقدمها قانون قرض البنك الدولي لإعادة الإعمار، لا يعني فقط خسارة فرصة مالية ثمينة، بل يعكس أيضاً حالة الانقسام والتجاذب السياسي التي باتت تهدد الاستحقاقات الدستورية وفي طليعتها الانتخابات النيابية المقبلة.
في ظل هذا المناخ المتوتر، تتجه الأنظار اليوم إلى جلسة مجلس الوزراء المرتقبة وما ستسفر عنه من موقف حاسم حيال تعديلات قانون الانتخاب التي تطالب بها كتل المعارضة، خصوصاً في ما يتعلق بإشراك المغتربين في العملية الانتخابية. ومع أهمية النقاش الدستوري حول هذه التعديلات، إلا أن الخطر الأكبر يكمن في استخدام الخلافات ذريعة لتأجيل الانتخابات، وهو أمر لم يعد يحتمله لبنان الذي يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تجديد الحياة السياسية عبر صناديق الاقتراع.
إن الانتخابات النيابية يجب أن تُجرى في موعدها المحدد كاستحقاق وطني لا يجوز المساس به، لأنها تشكل بوابة الاستقرار السياسي وإعادة إنتاج السلطة وفق إرادة الشعب. أما الخلافات حول مشاركة المغتربين، فيمكن معالجتها بروح مسؤولة وبابتكار حلول عملية تضمن حق أكثر من مائة ألف ناخب لبناني في الخارج في الإدلاء بأصواتهم، من دون أن يتحول هذا الحق إلى عقبة أمام إجراء الانتخابات.
فالمغتربون الذين لم ينقطعوا يوماً عن دعم وطنهم يستحقون أن يكون صوتهم مسموعاً، سواءٌ من خلال تنظيم رحلات خاصة تشكل جسراً جوياً بين بلدان الاغتراب ولبنان لتأمين مشاركتهم، أو عبر اعتماد آلية تقنية حديثة مثل نظام «الكول سنتر» الذي يتيح لهم التصويت إلكترونياً تحت إشراف دبلوماسي مباشر يضمن النزاهة والشفافية. فالوسائل التقنية متاحة، وما ينقص هو الإرادة السياسية الصادقة لتنفيذها.
إن لبنان في هذه المرحلة الدقيقة لا يحتمل مزيداً من المماطلة أو المناورات السياسية. المطلوب اليوم أن ترتفع السلطة والقوى السياسية فوق الحسابات الفئوية، وأن تضع نصب عينيها هدفاً واحداً: إنقاذ الاستحقاق الانتخابي وضمان مشاركة الجميع فيه. فإجراء الانتخابات في موعدها، بمشاركة المقيمين والمغتربين معاً، هو الامتحان الحقيقي لمدى التزام الدولة بمسار الإصلاح والديمقراطية، ورسالة إلى العالم بأن لبنان ما زال قادراً على النهوض رغم كل العواصف التي تحيط به.











































































