اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٧ أذار ٢٠٢٥
ظنّ اللّبنانيون أن تاريخ 18 شباط المنصرم الذي حُدّد كآخر مهلة لانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، سيحمل فرجاً لهم وراحةً من التّعديات عليهم، إلا أنّه ومنذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار، تتوالى الخروقات الإسرائيلية للاتفاق، فتارةً تُستهدف شخصياتٍ تابعة لـ «حزب الله»، وتارةً أخرى تُستهدف مخازن لتخزين الأسلحة، وفق ما يزعمه الجيش الإسرائيلي.
لم يأت بعد الفرج الموعود. وبينما يشاهد اللّبنانيون كل يوم النّيران المتصاعدة بفعل الغارات الإسرائيلية، تحديداً على مناطق جنوبية وبقاعية، يشاهد «حزب الله» عناصر وقيادات تابعة له يرحلون على طريق القدس، بعدما جدّدت إسرائيل لائحة مطلوبيها للقضاء عليهم.
إذاً، قد يبدو أنّ الطريق ما زال طويلاً للعودة إلى مرحلة الهدوء الأمني الذي وعد به العهد الرّئاسي الجديد وحكومته الإنقاذية، ولذلك نسأل: إلى متى سيستمرّ الإسرائيليون في هتك أمننا؟ وإلى متى ستبقى «مستوطية حيطنا»؟
في السّياق، وبالحديث عن أسباب وصولنا إلى طريق مسدود، يعتقد العميد المتقاعد عادل مشموشي أن «هناك هيمنة كاسحة استطاعت إسرائيل تحقيقها على الجبهة اللّبنانية. وفي ظل الخرق الواضح، تمكنت في وقت قياسي من تقويض قدرات «الحزب». ولفت إلى أنّ «ما نراه من تشييعات في الجنوب يُظهر وكأنّ كلّ من ذهب إلى الجبهة استشهد».
وذكّر مشموشي أن اسرائيل «لم تقبل بهدنٍ دائمة في لبنان وغزة، بل أصرّت على هدن موَقتة لإتاحة المجال أمامها للاستمرار في القيام بالخروقات والاغتيالات في الوقت الذي تريده». واعتبر أن «ما ساهم في ذلك هو تسرع قادة «حزب الله» في اتخاذ قرار وقف إطلاق النار حيث لم يدقّقوا في موضوع جنوب وشمال الليطاني».
ووسط كل هذه الأجواء المتعبة لـ «حزب الله»، رأى مشموشي أن ذلك «أتاح لإسرائيل العربدة في كل الأجواء اللبنانية، أي أنها ارتاحت من أية ضوابط، وأعطاها ذريعة لعدم الانسحاب نهائياً من لبنان والبقاء في 5 نقاط».
وتُشير مصادر عسكرية لـ «نداء الوطن» إلى أن ما يضاعف من حجم المصيبة، هو أنّه بالإضافة إلى تمركز الجيش الإسرائيلي في خمس نقاط رسمية، هو وجود نقاط أخرى يحظر دخولها، ما يعني أن السيطرة الفعلية لإسرائيل هي على أكثر من 5 نقاط في المنطقة الحدودية، إما بوجود قواتها على الأرض وإما عبر نطاق نيرانها.
ويوضح مشموشي أن إسرائيل استخباراتياً ليست بحاجة لهذه النقاط الخمس في ظل امتلاكها لتقنيات حديثة ومتطورة تمكّنها إلى حدّ ما من معرفة كل تحرّكات عناصر وقيادة «حزب الله».
وقال: «لبنان لم يعد يحتمل لا أمنياً ولا سياسياً ولا اقتصادياً، وأن بقاء إسرائيل في النقاط الخمس هو نوع من «مرغ الأنف» اللبناني في التراب. وقد يسأل البعض عن خلفية السكوت المريب للمجتمع الدولي. ورجّح مشموشي أن يكون سبب ذلك «الضوء الأخضر» الأميركي الذي أعطى لإسرائيل الحرّية المطلقة للتصرف من دون إذن.
وحول سبب سكوت «حزب الله» إجمالاً وعدم انخراطه مجدداً في مواجهة عسكرية لردع الخروقات الإسرائيلية، ذكر مشموشي «أن «حزب الله»بات يعرف أنه غير قادر على الوقوف في وجه الإسرائيليين». أما عن الحلول التي قد تزيل ذرائع إسرائيل بتنفيذ كل هذه الخروقات، فقال مشموشي: «هناك حلّان لا ثالث لهما.
الأوّل، أن تقرر قيادة «حزب الله» وضع كامل الإمكانات العسكرية بتصرف الجيش اللبناني وتسليم كافة المخازن التابعة له. والثاني، أن يدعو رئيس الجمهورية إلى مؤتمر وطني كي يشرف على اتّخاذ هذا القرار». إن الحقيقة المرّة هي أن «السّلاح لم يعد مجدياً لتحرير الأرض، ويجب اللجوء إلى الدبلوماسية».
هل يفيد الحلّ الدبلوماسي؟ يجيب مشموشي: «في حال رأى المجتمع الدولي أن «الحزب» وضع كل إمكانياته العسكرية بتصرّف الدّولة اللبنانية، وأعلن عزوفه عن ممارسة أية أنشطة عسكرية، حينها سيقف إلى جانب الدّولة اللّبنانية وسيقوم على الأغلب بتقديم الدّعم المعنوي والمادّي لإعادة بناء هذا البلد. أما في حال استمر «الحزب» متمسّكاً بعقيدة المقاومة حتى الرّمق الأخير، سيدفع أثماناً كبيرة إضافية، وكذلك سيدفع اللبنانيون».
بغضّ النظر عن الحلول، هناك إجماع على أن اللّبنانيين تعبوا من الحروب المدمرة، وآن الأوان كي يرتاحوا، وهذا حقّهم البديهي.