اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ١ تموز ٢٠٢٥
بعدما وضعت الحرب الإسرائيلية - الإيرانية أوزارها بفعل تدخل قائد سفينة العمّ سام العسكري الحاسم ومن ثمّ الدبلوماسي، اتجهت الأنظار نحو الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المنكوب، والتي تُعتبر الأطول أمدًا والأكثر فتكًا في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي.
وإذا كان رأس الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بنيامين نتنياهو وضع في مستهلّ حربه على القطاع شرطَي القضاء على حماس واستعادة الأسرى من قبضتها، فإن لغته تلوّنت في الساعات الأخيرة، إذ أكد أن إنقاذ الأسرى أمسى الهدف الأساسي للحرب على غزة وأنه يتقدّم على هدف هزيمة الحركة، وبذلك يكون سُجّل تراجع وإن نسبي في خطاب بيبي العسكري، التي تعتاش حكومته على استمرار الحروب، والملاحق بتهم فساد، جعلته ضيفًا شبه دائم في المحاكم.
خسائر تفوق الإنجازات
ما يزيد من هول الضغوط على نتنياهو، تيقّن الإسرائيليين من أن الحرب على غزة تكبِّد الدولة العبرية خسائر تفوق الإنجازات، كما اعتبار أهالي الأسرى أن الحرب على القطاع بدأت شرعية، بيد أنها استحالت لاحقًا حربًا بدوافع سياسية، على عكس المنازلة التي خاضتها تل أبيب على حلبتي لبنان وإيران، حيث كان هناك إجماع شبه تام في الجبهة الداخلية على بتر أذرع الأخطبوط في المنطقة وأبرزها حزب الله، ومن ثمّ قطع رأس الأخطبوط المتمثل بالجمهورية الإسلامية.
وفيما تتواصل اجتماعات المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر الماراثونية، لدرس شروط فرملة الحرب، والضمانات التي تطالب بها حماس، وسط أجواء تتّسم بإيجابية حذرة حينًا وبخلافات حادة أحيانًا أخرى، يعتبر المراقبون أن قاطن البيت الأبيض الذي ظفر في كبح جماح الحرب الأخطر بين الدولة العبرية ونظام الملالي، سيستثمر زخم وقف هذه الحرب، لوقف الحرب أيضًا في غزة.
الحزن على الثمن المدفوع
في هذا الوقت، صبّ الإعلام العبري اهتمامه على تطورات حرب غزة. وفي حين نقلت صحيفة يسرائيل هيوم عن مقرّبين من نتنياهو أنه لم يتنازل عن أهداف الحرب، وأن المطروح راهنًا هو صفقة وفق مخطّط المبعوث الأميركي للمنطقة ستيف ويتكوف، وأنه يمكن بعدها العودة إلى القتال، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين إسرائيليين، وصفتهم بالمطّلعين، استغرابهم من تفاؤل الرئيس الأميركي في شأن إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال أيام، مؤكدين أن إسرائيل لم تُبلّغ بأي تغيير أو تقدّم يبرّر هذا التفاؤل، ولا توجد مؤشرات، بحسب الصحيفة، إلى مرونة في موقف حماس أو نتنياهو في شأن إنهاء الحرب. وأضافت الصحيفة عينها نقلًا عن المسؤولين الإسرائيليين أن أحد التقديرات يشير إلى أن تفاؤل ترامب قد يكون محاولة لاستثمار الزخم السياسي بعد انتهاء الحرب مع إيران لتحقيق إنجاز سياسي إضافي.
من جانبه، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق مئير بن شبات كتب في معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية أن نهاية الحرب مع إيران، ومأساة مقتل عدد من مقاتلي الهندسة أخيرًا في خان يونس، حوّلتا بسرعة الأضواء نحو ساحة غزة، معتبرًا أن الفجوة بين الحسم السريع الذي تحقّق ضد رأس الأخطبوط، وبين التباطؤ في الحسم ضدّ ذراعه في القطاع، زادت في الحزن على الثمن المدفوع، وفي الإحباط الناتج من الغموض وعدم اليقين.
المحلّل العسكري آفي أشكنازي كتب في معاريف: قد ننتشي بـ الانتصار على إيران، لكننا في ورطة حقيقية في غزة، نحن نشهد فشلًا عسكريًا وسياسيًا مستمرًا، وبعد أكثر من 600 يوم من القتال، حان الوقت للاعتراف بأن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبات كبيرة وخطِرة. وأضاف: يدركون في الجيش أن الإنهاك الذي يواجهه الجنود مروّع، وهذا الإنهاك يؤدي إلى نتائج سلبية: من حوادث ميدانية، إلى تباطؤ في الأداء، إلى انخفاض في الحيوية القتالية، وإرهاق ذهني وجسدي، وضعف في التخصّص العسكري. وإلى جانب الإنهاك البشري، هناك تآكل في الأسلحة، وفي الدبابات وناقلات الجند والطائرات. وختم بأن مشكلة الجيش الكبرى تكمن في أن القيادة السياسية لا تعرف إلى أين تريد الذهاب في غزة، وعملية عربات جدعون لا تزال بعيدة عن تحقيق الأهداف التي وضعها المستويان السياسي والعسكري.
الخبير في شؤون الأمن القومي العقيد احتياط في الجيش كوبي ماروم رأى في قناة N12 أن إنهاء الحرب في غزة يعني، أوّلاً وقبل كل شيء، استعادة الأسرى، ونهاية حكم حماس، وإدخال قوة عربية متعدّدة الجنسيات لفترة انتقالية، تتضمّن تفكيك الجناح العسكري للحركة، وتأليف حكومة تكنوقراط فلسطينية تُعنى فقط بإعادة إعمار القطاع. وأضاف أن نزع سلاح القطاع بالكامل سيكون شرطًا لبدء إعادة الإعمار، وذلك في موازاة إنشاء منطقة أمنية حول مستوطنات الغلاف، ومنح الجيش الإسرائيلي حرية عمل أمني في كافة أنحاء القطاع.