اخبار الاردن
موقع كل يوم -الوقائع الإخبارية
نشر بتاريخ: ٦ كانون الأول ٢٠٢٥
الوقائع الإخباري: بقلم الدكتور بلال أبو قدوم / جامعة عمان العربية
تشهد المجتمعات بين الحين والآخر بوادر توتّر أو انحرافات فكرية قد تُهدِّد أمنها وتماسكها، غير أنّ سنّة الله في خلقه قائمة على إرادة الخير لهم، وتيسير السبل التي تحفظ دينهم واستقرارهم. وفي ضوء ما شهدته مدينة الرمثا، تبرز الحاجة الملحّة إلى قراءة واعية تضع الأمور في سياقها الديني والفكري.
الوسطية… ميزان النجاة
يشكّل مبدأ الوسطية أحد أهمّ ركائز الشريعة الإسلامية، كما وصفه القرآن الكريم بقوله تعالى:
﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾.
فالوسطية ليست خيارًا ثانويًا، بل جوهر الدين وأساسه، وتشمل العقيدة والعبادة والمعاملة والأخلاق ومنهج الحياة كله.
وفي المقابل، فإن الغلوّ بكل صوره—سواء أكان فكريًا أم عقديًا أم مذهبيًا—يمثّل خروجًا عن هذا المنهج، ويفتح الباب أمام التطرف وممارسات التكفير والعداء بين أبناء المجتمع الواحد.
ومما يزيد من خطورة هذه الظواهر أنّها تبدأ غالبًا بترويج أفكار منحرفة، وتبادل للاتهامات، وتحقير للهيئات والشخصيات، لتتحول تدريجيًا إلى بيئة حاضنة للتطرف والعنف، وهو ما يشاهد في بعض الخطابات المتشنجة التي تُغذِّي الانقسام وتزرع الفتن.
العلم الشرعي… نور يهدي الطريق
إن مواجهة الفكر المتطرف لا تكون إلا بالعلم الشرعي الصحيح، الذي يشكّل إرث الأنبياء ومنهجهم.
ويقوم هذا العلم على أربعة أركان واضحة:
1. الرجوع إلى القرآن الكريم مصدر الهداية الأول.
2. تلقي السنة النبوية الصحيحة دون انتقاء أو تجزئة.
3. فهم النصوص بفهم الصحابة والتابعين باعتبارهم الامتداد العملي لرسالة النبي ﷺ.
4. عدم إقحام العقل في مجالات الغيب وأحكام النصوص، بل استخدامه لفهمها لا للتحكم فيها.
ومن شأن هذا الاقتداء أن يصون الفكر من الانحراف، ويحفظ الدماء المعصومة، ويغلق الأبواب أمام أصحاب الفتن.
التكفير… البوابة الأخطر
إن تصاعد الخطاب التكفيري، والاعتداء على علماء الأمة، والترويج للخرافات والبدع؛ ليست سوى محاولات تستهدف عقول الشباب، وتستدرجهم إلى أفكار لا تمتّ لديننا بصلة.
وتأتي أحداث الرمثا مثالًا على ذلك؛ حيث حاولت بعض الجماعات أن تستغل الظروف لنشر فكرها المنحرف، غير أنّ تماسك المجتمع ووعي الجهات المختصة شكّل سدًّا قويًا حال دون تفاقمها.
جهود أمنية تستحق الثناء
لقد أثبتت الأجهزة الأمنية في المملكة الأردنية الهاشمية جاهزية عالية في كشف مصادر الفكر التكفيري ومواجهة خطره، بما يعكس وعيًا كبيرًا وفطنة في التعامل مع الأحداث.
وهذا التكامل بين الدولة والمجتمع يشكّل نموذجًا في حماية الأمن الفكري، وصون المجتمع من الانجراف وراء دعوات الغلوّ والتطرف.
خاتمة
إن أحداث الرمثا لم تكن مجرد واقعة عابرة، بل تذكير بضرورة التمسك بالوسطية، والعودة إلى العلم الشرعي الصحيح، وتعزيز الوعي المجتمعي.
ونسأل الله أن يحفظ الأردن وأهله من كل شر وفتنة، وأن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار وان يحفظ ملك البلاد عبدالله الثاني بن الحسين وأن يلهمه الصواب وخير العباد والبلاد












































