اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٣١ أب ٢٠٢٥
الديموقراطية، ومستقبل الشعوب
علي السنيد
ترعى أنظمة الحكم الحديثة التوجهات الديموقراطية لشعوبها ، وتحمي حقوقها المشروعة في انتخاب مجالسها التشريعية المعبرة عن ارادتها الوطنية الحرة، وتتشكل الحكومات من قبل الأغلبية البرلمانية، ووفق القواعد الدستورية المرعية.
وهذه العملية السياسية تؤدي لان تدور رحى المنافسة بين الحكومات و المعارضة إزاء البرنامج الأكثر تحقيقا للمصلحة العامة ، وتكون المعارضة المعبرة عن توجهات الأقلية البرلمانية، وتلعب دورا رئيسيا في احكام الرقابة على اعمال الحكومات ، ونقد سياساتها ، وبما يسمح بإعادة تدوير عملية تشكيل الحكومات بين الاطراف السياسية المتباينة.
وتدار هذه العملية بواسطة الأحزاب الممثلة للرابطة الوطنية الجامعة في الدول ، والتي تعد الحواضن الطبيعية للعمل الوطني، ويكون منظروها رسلا في الحرية، ودعاة الى التحرر الوطني، وهي تخرج أجيالا من السياسيين، وتنتج البرامج التي تستقطب أصوات المقترعين، وتعكس بالضرورة الميول، والاتجاهات العامة.
وبذلك تتكون الطبقة السياسية على معايير وطنية، وحسب ميول، ورغبات الناس المعبر عنها في صناديق الاقتراع ، والتي يستحيل المساس بنزاهتها ، وكونها محمية بالقوانين، والدساتير، وأنظمة الحكم، ويمثل الاعتداء عليها تعد صارخ على الامة، وحرياتها الأساسية.
وينصاع لنتائجها كل مكونات الدولة، وهو ما يعرف في الديموقراطيات بالاحتكام لحكم الصناديق.
وبما يؤدي الى ان تفرز الطبقة السياسية حسب مستوى الوعي العام للشعوب، وحالتها السياسية، وتقديرها للمسؤولية الوطنية.
ويكون في حكم المحال ان تتشكل الحكومات من شخصيات سياسية لا ترقى الى الرضا الشعبي، و بلا معايير واضحة ، او تكون معيقة للإصلاح، ، او تعمل على تحقيق مصالحها الخاصة، وفي ذلك مس بروح الدساتير، وتطلعات الشعوب الديموقراطية.
وبذلك تتشكل المؤسسات الدستورية من الفرز الطبيعي للمجتمع ، وتقاد المؤسسات بأفضل الرجالات، وحسب طبيعة كل مرحلة ، وتصان الحقوق والحريات الأساسية، ويسمو الدستور ، ويتم تطبيق القانون على الجميع دون محاباة ، وتختفي مظاهر الترهل، والفساد، وسوء الإدارات، وهدر المال العام، واستغلال مواقع السلطة والنفوذ، وخرق قيم العدالة، والمساواة، والمواطنة .
وهذه المعادلة تضفي السلام الداخلي على المجتمعات، وتحقق امنها واستقرارها، وتعبر عن امالها ، وتطلعاتها الوطنية .
وعندما تلتقي الإرادة الشعبية والرسمية معا يعلو شأن الوطن ، وتتولد المشاعر الوطنية الحقيقية بعيدا عن تزوير الوعي العام، وسيادة أجواء التزلف والنفاق.
والشعوب لا تضفي القداسة على النخب السياسية التي تتعرض دوما الى الانتقاد، والمساءلة ، والمحاسبة.
وفي هذه الأجواء الوطنية تنضج الحريات العامة ، وتتطور الممارسات الديموقراطية، وتفزر السلطات السياسية تبعا للمصلحة العامة، وتتحفز الشعوب للعطاء والابداع فتغادر الدول مربع الفشل التنموي، وانعدام التوافق على الاهداف الوطنية الكبرى.