اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ٣١ تموز ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
نظمت رابطة الكتاب الأردنيين/ فرع الزرقاء بالتعاون مع إدارة مهرجان جرش للثقافة والفنون 2025، ندوة ثقافية بعنوان “ذاكرة المكان وجمالياته”، جمعت نخبة من الباحثين والمبدعين ليسلطوا الضوء على سيرة الزرقاء، المدينة التي ولدت من رحم التاريخ، وشهدت على تعاقب الحضارات وتعدد الهويات.
واستهل الندوة وأدارها الناقد محمد المشايخ، الذي رسم بريشة اللغة لوحة بانورامية للزرقاء، واصفا إياها بـ”مدينة الجند والعسكر وملتقى قوافل الحجاج الشامي”، مؤكدا أنها كانت – ولا تزال – مدينة التنوع والانفتاح، والتي أنجبت نخبة من الشعراء الأردنيين والعرب، منهم: سميح الشريف، حبيب الزيودي، وسميح القاسم، وغيرهم من المبدعين الذين سطع نجمهم على الصعيدين المحلي والعربي.
وفي قراءة أكاديمية معمقة، تحدث الباحث الدكتور عبد الله العساف عن مراحل نشأة الزرقاء وتطورها، موضحا أنها تمثل ركيزة اجتماعية وسياسية واقتصادية في بنية الدولة الأردنية الحديثة. كما وعرض العساف الحقب التاريخية التي مرت بها المدينة، من العصر الحجري إلى العصر الحديث، مشيرا إلى أن الزرقاء كانت مأهولة بالسكان منذ القدم، واحتضنت حاميات رومانية بارزة مثل قصر الحلابات، كما كانت محطة رئيسة لقوافل الحجاج والمسافرين في العصور الإسلامية، لافتا إلى أن الزرقاء اكتسبت دورا عسكريا محوريا مع تأسيس نواة الجيش العربي عام 1920وقوة الحدود، ما عزز مكانتها في الوعي الوطني.
من جانبه، قدم الباحث الدكتور عبد العزيز محمود عرضا بصريا وتراثيا تناول فيه الزرقاء بوصفها موقعا استراتيجيا ومعبرا رئيسيا للطرق التجارية القديمة، إذ عرض مجموعة من الصور التاريخية التي توثق مراحل نشأة الزرقاء ، والتنوع الجغرافي والبيئي الذي أضفى على المدينة طابعا حضاريا فريدا.
وتحدث عن كنوز الزرقاء الأثرية، مثل: قصر شبيب، قلعة الأزرق، قصر الحلابات، قصير عمرة، خربة السمرا، خربة حديد، القصر الأحمر، خربة الرصيفة، خربة خو، خربة غريسة، وخربة البتراوي، وغيرها من الشواهد التي تعكس عمق الامتداد الحضاري للمدينة.
أما الشاعر والمهندس رضوان الزواهرة، سلط الضوء على التراث المعماري للزرقاء، مستعرضا بدايات البناء الطيني والقشي، والتحولات المعمارية التي شهدتها المدينة حتى بلغت شكلها الحضري المعاصر.
وأشار إلى أن الزرقاء ، باعتبارها مدينة المهاجرين، احتضنت الشيشان منذ مطلع القرن العشرين، حيث أسسوا جامع الشيشان، كما عرض الزواهرة صورا نادرة لشارع السعادة، وعمارة السبعين، وشارع قاسم بولاد، مشيرا إلى الدور التنظيمي لنقابة المهندسين الأردنيين في ضبط وتوجيه المشهد المعماري عبر قانون البناء الوطني.
وفي ختام الندوة، قدم الكاتب الدكتور محمد الزيود شهادة وجدانية عن التراث الشعبي الشفوي في الزرقاء، مؤكدا أن “التاريخ الشفوي هو الذاكرة الحية للمدن”، حيث نقلت الروايات المحكية صورة نابضة عن حياة الزرقاء وتحولاتها.
وأشار إلى أبرز التحولات الاجتماعية، بدءا من هجرة الشيشان والدروز، مرورا باستقرار التجار الشوام، ووصولا إلى نزوح الفلسطينيين بعد نكبة عام 1948.
وأكد الزيود أن الزرقاء كانت حاضنة لحراك ثقافي وسياسي لافت، مشيرا إلى تأسيس نادي أسرة القلم الثقافي عام 1974، الذي لعب دورا محوريا في صياغة المشهد الثقافي المحلي، لافتا الى بدايات الحركة الشعرية في الزرقاء، والتي شهدت تمازجا فريدا بين الشعر العمودي والنبطي والحر، في مشهد شعري يعكس تنوع المدينة وروحها الحرة.