اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ٢١ أيلول ٢٠٢٥
يحتفي العالم في الـ21 من سبتمبر باليوم العالمي للسلام، الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1981م، واعتمدته في 2001م موعدا ثابتا لإحيائه سنويا، باعتباره يوما لوقف العنف وإسكات البنادق، ونشر ثقافة السلام وقيم التسامح بين الشعوب.
غير أن هذه المناسبة تأتي على اليمن للعام الحادي عشر على التوالي وهو غارق في أتون حرب مدمرة بين جماعة الحوثي والحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، دون التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، رغم الجهود الأممية والإقليمية المتواصلة.
كما تعمق الانقسام داخل مجلس القيادة الرئاسي مع بروز خلافات علنية بين مكوناته، فيما تواصل جماعة الحوثي هجماتها البحرية وضرباتها الإقليمية، بالتزامن مع تضييقها على العمل الإنساني واحتجاز موظفي الأمم المتحدة، وهو ما وصفه مراقبون بأنه يضاعف تعقيد المشهد ويقوض فرص السلام.
في المقابل، لا تزال الأمم المتحدة تحذر من خطورة الوضع، حيث أكد مبعوثها هانس غروندبرغ أمام مجلس الأمن منتصف سبتمبر الجاري أن الصراع اليمني تحول إلى 'خط صدع' يفاقم التوترات الإقليمية، وأن دورة العنف المستمرة تبعد اليمن أكثر فأكثر عن أي عملية سلام حقيقية.
سلام بعيد
ويرى صحفيون ومحللون سياسيون أن تحقيق السلام في اليمن أصبح صعب المنال، نتيجة ارتباط الملف اليمني بتجاذبات إقليمية ودولية، واستمرار تعنت جماعة الحوثي، وتباين مكونات الحكومة الشرعية.
بهذا الشأن، يقول المحلل السياسي والكاتب الصحفي عبد الواسع الفاتكي لـ' المهرية نت' إن: 'مؤشرات تحقيق سلام حقيقي ومستدام في اليمن لا تزال بعيدة المنال، على الرغم من المبادرات الأممية والإقليمية المتعددة التي تهدف إلى إنهاء الحرب والدخول في تسوية سياسية، حيث نجد تعنتًا مستمرًا من قبل الحوثيين ورفضًا لأي حوار جاد'.
وأضاف أن:' استمرار الحوثيين في حشد المقاتلين ورفضهم الانخراط في مفاوضات حقيقية، حتى في الملفات الإنسانية والاقتصادية الملحة، يؤكد أنهم غير جادين في التوصل إلى حل سلمي، وهذا يجعل أي حديث عن سلام قريب مجرد تفاؤل لا تدعمه حقائق الواقع على الأرض'.
وتابع' لقد أصبح واضحًا أن القرار اليمني لم يعد بيد اليمنيين وحدهم، حيث تعقدت الأزمة بسبب التدخلات الإقليمية والدولية، وأصبح تحقيق السلام مرهونًا بتوافقات تتجاوز الأطراف المحلية'، مشيرًا إلى أن ' هذا الوضع المعقد يلقي بظلاله على المشهد ويزيد من صعوبة التوصل إلى حل أمام هذا الواقع'.
وأوضح الفاتكي أن 'السيناريوهات المستقبلية للسلام تبدو محدودة للغاية، منها:
-السيناريو الأول: السلام عبر الضغط الدولي، من خلال ضغط دولي وإقليمي حقيقي وفاعل يجبر الحوثيين على القبول بتسوية سياسية، شرط أن تتضمن هذه التسوية آليات واضحة لنزع سلاحهم لضمان عدم تجدد الصراع.
-السيناريو الثاني: السلام عبر الحسم العسكري، حيث يبقى خيار استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب بالقوة وحده، وهذا يتطلب امتلاك الشرعية للأدوات اللازمة لتحرير ما تبقى من الأراضي وفرض الأمن والاستقرار'.
ومضى قائلاً:' حتى اللحظة الراهنة، شروط السلام لم تنضج بعد، وطريقه لا يزال طويلاً وشائكًا، وأي سلام لا يضمن استعادة مؤسسات الدولة ويحافظ على سيادة اليمن وسلامة أراضيه سيكون سلامًا هشًا ومؤقتًا'.
*عوامل تعيق السلام
في السياق ذاته، يقول الصحفي حمدان البكاري إن:' السلام في اليمن لن يتحقق بسهولة أو في وقت قصير، خاصة مع التباينات داخل المجلس الرئاسي اليمني، واستمرار تصعيد جماعة الحوثي محليًا وإقليميًا، إضافة إلى ارتباط الملف اليمني بتجاذبات إقليمية ودولية وتضارب مصالحها.
وأضاف لـ' المهرية نت' أن' مكونات الحكومة الشرعية، المتمثلة في المجلس الرئاسي، متباينة في القرار ومختلفة في المواقف، وكذلك قواتها العسكرية، في حين تمتلك جماعة الحوثي قدرات عسكرية كبيرة، وتضع شروطًا خاصة بها'. موضحا أن' الحرب في غزة ساهمت في تعطيل خارطة الطريق التي كان المبعوث الأممي يسعى لتحقيقها'.
وتابع أن مباحثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة ودول الجوار لن تحقق نتائج ملموسة في الوقت الراهن بسبب تلك العوامل.
وحول مستقبل السلام في اليمن، يرى البكاري أنه لن يتحقق إلا إذا التزمت أطراف الصراع بالجلوس على طاولة الحوار، وتخلوا عن مصالحهم الشخصية، وقدموا مصلحة الشعب، واتفـقوا على صيغة لدولة موحدة بنظام فيدرالي قائم على الأقاليم.
*دحر الانقلاب
بدوره، يقول الناشط الصحفي صلاح طاهر إن' السلام لن يتحقق في اليمن إلا بدحر الانقلاب واستعادة السلاح منه، وإعادة هيكلة الفصائل العسكرية في مختلف مناطق البلاد، ودمجها في جيش وطني واحد يحمي البلاد ويكون ولاؤه للوطن والشعب'.
وأضاف لـ' المهرية نت' أن' هذا وحده هو الضامن لاستقلال البلاد ونهضتها الاقتصادية، كون التحالفات الاقتصادية تقوم على تحالفات عسكرية وثيقة، ولا تتحقق إلا بوجود جيش وطني موحد يثق به الجميع'.
ولفت إلى أن' السيناريو الأقرب لتحقيق السلام الحقيقي في اليمن، فهو عن طريق قيام دولة اتحادية مكونة من ثلاثة أقاليم تضم: مناطق شمال الشمال، وأقصى الجنوب، والمناطق الوسطى مع ضمان المشاركة الحقيقية، والاعتراف بالمظالم، وتوحيد الجهود، وتقسيم الموارد بشكل عادل يخدم التنمية والرؤية المستقبلية لنهضة البلاد'.
واختتم حديثه طاهر قائلا:' نتمنى أن يتحقق السلام والاستقرار في اليمن، وأن يعود أفضل مما كان عليه في السابق'.