تعز تختنق بأزمة الغاز.. غضب شعبي وسلطات عاجزة (تقرير خاص)

تعز، المدينة التي لا تهدأ أزماتها، فلم تتخلص من أزمة المياه التي قضَّت مضاجع الساكنين، حتى دخلت في أزمة الغاز المنزلي لتصبح هذه المدينةُ لقمةً سائغةً للأزمات التي تلتهمها بكل حين.

الأمر الذي اعتاده سكان المدينة أن أزمة الغاز المنزلي تأتي فقط قُبيل شهر رمضان، لكنها هذه المرة جاءتهم مباغتة؛ الأمر ما أحدث قلقًا كبيرًا للكثير من السكان الذين لم يضعوا حسابًا لمثل هذه الأزمة.

وبحسب نقابة وكلاء الغاز في تعز فإن' السبب في هذه الأزمة يعود إلى قيام عصابة مسلحة باعتراض واحتجاز مقطورات الغاز في نقطة رأس العارة، ومنعها من الوصول إلى المحافظة، في محاولة لإجبار السلطات على تغيير مسار التموين عبر محطة 'الفرشة' الواقعة في محافظة لحج، والتي اتُّهمت سابقًا بإدارة سوق غير منضبطة للغاز في تعز على مدى أكثر من ثماني سنوات.

وفي خضم هذه الأزمة تتوجه أصابع الاتهام إلى السلطة المحلية التي عادةً ما تتقاعس عن تلبية مطالب المواطنين، وتتجاهل صرخاتهم وتنديداتهم المستمرة إزاء تخاذلها المستمر.

كما ارتفع سعر اسطوانه الغاز إلى 10500والمواطنون يؤكدون أن الكثير من حصص الغاز المنزلي المخصصة للحارات يتم المتاجرة بها عبر السوق السوداء وبيعها لأصحاب المطاعم والبوفيهات بسعر 13000 أو أكثر للاسطوانة الواحدة وذلك بالتنسيق مع بعض المسؤولين والعاملين في نقاط توزيع الغاز.

وبعد استمرار الأزمة لأكثر من أسبوع واستمرار الطوابير الطويلة، يتصاعد الغضب الشعبي، فيوم أمس الأحد خرجت مسيرة احتجاجية مكونة من شاحنات نقل الغاز المنزلي التابعة لوكلاء تعز، احتجاجًا على استمرار احتجاز مقطوراتهم في لحج.

أزماتٌ متتالية

بهذا الشأن يقول طلال الشرعبي' رئيس اللجنة المجتمعية بحارة غزة وسط مدينة تعز' الأزمات تتوالى ولا تكاد تنفك عن سكان هذه المدينة، من ارتفاع سعر الصرف وغلاء المعيشة مرورًا بانعدام الماء الذي ما زال صعب المنال بالنسبة لغالبية المواطنين، وصولًا إلى أزمة الغاز التي جاءت لتزيد الطين بلة وتلحق المزيد من الضرر بالناس'.

وأضاف الشرعبي لـ' المهرية نت' أزمة الغاز تأتي بين عشية وضحاها سواء كانت مفتعلة أم غير ذلك، تأتي لتقصم ظهر المواطن وتزيد من معاناته، لتقضي على آخر أنفاسه في ظل انعدام صرف رواتب الموظّفين وعدم توفر الأعمال، والأشغال التي إن وجدت ليست إلا إسعافات أولية، لا تسمن ولا تغني من جوع'.

وأشار الشرعبي إلى أنه' منذ أكثر من أسبوع وطوابير الغاز سواء للمركبات كالباصات وسيارات النقل التي تعمل على الغاز أو اسطوانات الغاز المنزلي تمتد لمسافات طويلة ويقضون ربما أيامًا في الطوابير بحثا عن الغاز؛ لعدم توفر الكمية المناسبة، ولذا يضطر المواطنون إلى انتظار وصول حصة المحطات من الغاز لعلهم يظفرون بحصة منها'.

ولفت إلى أن' دور السلطة المحلية ليس له أثر في معالجة هذا الوضع المزري الذي يعانيه السكان، لا يوجد تدخل من مكتب الصناعة والتجارة حيث تم رفع سعر الغاز من 475 للتر الواحد إلى مابين 575-700 ولم تصدر تسعيرة من الجهة المختصة بذلك فالأسعار تتفاوت من وكيل أو صاحب محطة لآخر وكأن الأمر لا يعنيهم بسبب حصولهم على حصتهم من الغاز و المال لربما قد يكون باتفاق مسبق بينهم وبين أصحاب محطات ووكلاء الغاز'.

ولم يستبعد أن يتم تهريب حصة المدينة من الغاز إلى الحوبان ومناطق الحوثيين، وذلك من قبل تجار الحروب وأصحاب الأطماع الكبيرة؛ ليتم بيعه بالعملة القديمة ويعود لهم المال الوفير في الوقت الذي يتجرع فيه المواطن المغلوب على أمره الويلات والمآسي و يدفع ثمن مايحدث من أزمات متتالية.

وناشد الشرعبي كلًا من رئيس مجلس القيادة ونوابه وحكومته وسلطة تعز المحلية التدخل في حل مشكلة المقطورات التي يتم التقطع لها في لحج من قبل النقاط العسكرية و ضبطهم وضبط وكلاء الغاز وأصحاب المحطات بتسعيرة رسمية.

وشدد الشرعبي على ضرورة' تشديد الرقابة على تجار الغاز؛ حتى لا يتم احتكاره والتحكم بسعره، وحتى يتم رفع الضغوطات عن كاهل المواطن المسكين الذي لا حول له ولا قوة، يجب أن يتقي المسؤولون الله في هذا الشعب؛ فـ' كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته'.

المواطنون هم الضحية

المواطن سلطان قائد( 30عاما )يقول' أزمة الغاز هذه جاءت بمثابة صفعة أخرى على علينا نحن المواطنين في تعز بعد أزمة المياه، نحن بعدُ لم نستفق من أزمة المياه حتى نتفاجأ بهذه الأزمة التي تخنقنا اليوم'.

وأضاف قائد لـ' المهرية نت' لا يتوفر الغاز في المحطات ولا عند الوكلاء وإن توفر في بعض المحطات النائية لا نستطيع الوصول إليه نتيجة الازدحام الشديد والطوابير الطويلة'.

وأردف' عندما انتهت اسطوانة الغاز الخاصة بمنزلي ذهبت لأكثر من عشر محطات أبحث عن الغاز فيها وأتفاجأ أن جميعها مغلقة إلا محطة واحدة كانت مفتوحة وأمامها طابور طويل، استمررت فيه انتظر دوري لساعات طويلة ولكني عدت للمنزل بلا غاز'.

وتابع' أحد أقربائي أعطاني اسطوانة استخدمها مؤقتًا على أمل أن أذهب باسطوانتي إلى الوكيل لتعبئتها وارجاعها له مقابل الاسطوانة التي اخذتها منه لكن الوكيل مغلق دكانه حتى الآن؛ نتيجة ازدحام الاسطوانات الفارغة لديه'.

عرقلة حركة السير

ولم تؤثر الأزمة على المنازل وحدها؛ بل تجاوزت ذلك إلى توقف عدد من المطاعم توقيفًا مؤقتًا كما اضطرت المطاعم الأخرى والبوفيهات إلى رفع أسعار الوجبات، في الوقت الذي تعرقلت فيه حركة السير إثر توقف عدد من المركبات عن العمل، تلك التي تعمل على الغاز، وسط مناشدات سائقي المركبات بسرعة حل هذه الأزمة.

أحد سائقي باصات الأجرة، المواطن أحمد ياسين، يقول' الباص الذي أعمل فيه، أنا مستأجره، أدفع لصاحب الباص في اليوم 10000 ريال، ومن يوم ما بدأت الأزمة أعمل يومين وأبقى يومين في الطابور من أجل الحصول على الغاز الذي يكفي لعمل يومين'.

وأضاف ياسين لـ' المهرية نت ' هذه الأزمة خنقتنا، لم نستطع توفير القوت الضروري لأسرنا بسببها، ما أعمل به بالكاد يكفي لدفع أجرة الباص، من أين لنا توفير متطلبات الأسرة، وتوفير قيمة العلاج لمرضانا، اليوم لا يوجد بيت واحد إلا وفيه مريض مصاب بمرض مزمن بحاجة لعلاج يومي'.

وأشار إلى أن' المحطات المفتوحة تبيع لمن يدفع أكثر، أما الذي يريد أن يشتري بالسعر الرسمي فعليه الانتظار لأيام، لقد أصبح هذا الزمن خاصا بالأغنياء وأصحاب الوساطات، أما المواطن الضعيف يتم تجاهله كأنه غير موجود '.

وتابع' نريد أن تحل هذه الأزمة حتى نتمكن من سداد دوننا التي تراكمت علينا خلال هذا الأسبوع، وحتى نتمكن من عول أسرنا دون مزيد من الطوابير، والانتظار القاتل'.

وكان مدير فرع شركة الغاز بتعز، بلال القميري قد صرح لوسائل إعلام محلية، أن هناك تحركات يقودها المحافظ نبيل شمسان بالتنسيق مع محافظ لحج، للإفراج عن المقطورات المحتجزة في منطقة خور عميرة بمحافظة لحج، إلا أن الأزمة لا تزال مستمرة في تكبيد المواطنين بالمزيد من المعاناة.