اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
نشر موقع ميدل إيست آي البريطاني تقريرًا مطولًا تناول فيه التطورات الأخيرة في اليمن بعد حرب إسرائيل على غزة، وكيف تحولت جماعة الحوثي من حركة متمردة محلية إلى لاعب إقليمي مؤثر، مستفيدة من التغيرات التي أحدثتها الحرب في خريطة التحالفات بالشرق الأوسط.
وأشار التقرير، الذي أعدّه الصحفي ريحان الدين، إلى أن وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحماس في غزة ترافق مع توقف غير معلن لهجمات الحوثيين ضد إسرائيل والسفن المرتبطة بها في البحر الأحمر، وذلك بأوامر من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، مشيرًا إلى أن استمرار التهدئة مرهون بالتزام إسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة.
وقال التقرير إن الحوثيين، الذين شنّوا هجمات متكررة منذ عامين على أهداف إسرائيلية وسفن دولية، استطاعوا عبر هذا المسار العسكري أن يثبتوا أنفسهم كقوة قادرة على التأثير في موازين القوى الإقليمية دون الحاجة إلى تفاوض مباشر مع إسرائيل أو القوى الكبرى.
من التمرد إلى الفاعلية الإقليمية
يرى موقع ميدل إيست آي أن الحرب الإسرائيلية على غزة فتحت الباب أمام بروز الحوثيين كفاعل جديد في محور 'المقاومة'، إلى جانب حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، وإيران.
ونقل الموقع عن أندرياس كريج، أستاذ الدراسات الدفاعية في كلية كينجز بلندن، قوله إن الحوثيين حققوا أداءً عسكريًا لافتًا خلال العامين الماضيين مقارنة بأي جهة غير حكومية في المنطقة، حيث أجبروا السفن التجارية على تغيير مسارها بعيدًا عن البحر الأحمر، ما أدى إلى انخفاض حركة الشحن عبر خليج عدن بنسبة 70% خلال عامين.
وأضاف كريج أن الجماعة أطلقت صواريخ وطائرات مسيّرة طويلة المدى نحو إسرائيل 'بينما تجنبت الهجمات الانتقامية الكبرى'، مشيرًا إلى أن الحوثيين تمكنوا في إحدى المرات من تعطيل مطار رامون الإسرائيلي وإصابة أهداف في مدينة إيلات.
فشل واشنطن
ويشير التقرير إلى أن الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة ضد الحوثيين لم تحقق نتائج تُذكر رغم إنفاق أكثر من مليار دولار، إذ فشلت واشنطن في فرض تفوق جوي أو كسر قدرات الجماعة.
ونقل الموقع عن المحلل اللبناني علي رزق قوله إن 'الحوثيين أجبروا أمريكا على فك الارتباط مع إسرائيل على الصعيد اليمني'، معتبرًا ذلك إنجازًا استراتيجيا غير مسبوق.
السر في شبكة القوة الداخلية
بحسب ميدل إيست آي، فإن سر صمود الحوثيين يكمن في بنية الجماعة القائمة على شبكة مترابطة من التحالفات القبلية والدينية والأمنية والتجارية، ما يجعل من الصعب استهدافها أو تفكيكها كليًا.
وأوضح كريج أن الجماعة 'شبكة من الشبكات'، بحيث يمكن للنظام أن يتعثر عند فقدان أحد قادته لكنه لا يتوقف عن العمل، مشيرًا إلى أن هذه المرونة هي ما ميز الحوثيين عن حماس وحزب الله خلال الحرب الأخيرة.
نصر سردي وشرعية داخلية
وتقول الباحثة اليمنية أروى مقداد للموقع إن تدخل الحوثيين في البحر الأحمر منحهم 'نصرًا سرديًا' على الصعيدين الداخلي والخارجي، إذ عزز من شرعيتهم المحلية ومنحهم تقديرًا دوليًا باعتبارهم طرفًا يقاتل ضد 'الظلم الواقع على غزة'.
وأضافت أن 'العديد من الدول العربية ترددت في المشاركة العلنية في القوة البحرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد الحوثيين خشية الظهور وكأنها تقف ضد طرف يدّعي الدفاع عن الفلسطينيين'.
ويؤكد التقرير أن الحوثيين أصبحوا في 'مخيلة الخطاب العربي' قوة مواجهة مؤثرة ضد إسرائيل، وأنهم تجاوزوا توصيفهم السابق كجماعة متمردة مدعومة من إيران، ليصبحوا لاعبًا عربيًا رئيسيًا داخل ما يسمى بمحور المقاومة.
وفي المقابل، يرى التقرير أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والتي تتخذ من عدن مقرًا لها، باتت تفقد أهميتها تدريجيًا في ظل الانقسامات الداخلية وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
وأشار إلى أن المجلس الرئاسي، الذي يضم قوى متباينة، يواجه تحديات اقتصادية خانقة، خصوصًا بعد توقف تصدير النفط نتيجة هجمات الحوثيين على الموانئ الجنوبية في 2022، ما أدى إلى تراجع الإيرادات وصعوبة دفع الرواتب وتوفير الخدمات.
ونقل الموقع عن الباحثة إليونورا أرديماجني أن 'إطار المقاومة ضد إسرائيل وغزة ساعد الحوثيين على توسيع قاعدة دعمهم الداخلي، ورفع عدد مقاتليهم من 220 ألفًا عام 2022 إلى نحو 350 ألفًا عام 2024'.
تغيّر موازين المنطقة
يخلص تقرير ميدل إيست آي إلى أن الحوثيين خرجوا من حرب غزة في موقع أقوى، بعد أن تمكنوا من فرض حضورهم الإقليمي كلاعب مؤثر في الأمن البحري والسياسة الإقليمية.
ويرى محللون أن الجماعة استطاعت تحويل دعمها المعلن لغزة إلى رافعة سياسية داخلية وخارجية، بينما تواجه الحكومة اليمنية في عدن أزمة هوية وشرعية.
ويختتم التقرير بالتساؤل حول ما إذا كان الحوثيون سيعيدون النظر في استراتيجيتهم المقبلة بعد تراجع حدة التوتر في الشرق الأوسط، وكيف سيحافظون على هذا الزخم في ظل المتغيرات الإقليمية القادمة.
المادة الأصلية من هنا