اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد اليمني
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
مع توقف الحرب في غزة، تتغير موازين الخطاب والميدان في المنطقة، خصوصًا لدى جماعة الحوثي في اليمن التي بنت على الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي خطابها السياسي والعسكري خلال العام الماضي.
لكن وقف النار في غزة لا يعني فقط نهاية مرحلة من التصعيد الإقليمي، بل قد يُشكّل بداية مرحلة جديدة من الارتباك داخل الجماعة الحوثية التي تواجه فراغًا في “العدو الخارجي” الذي استخدمته لتوحيد الداخل وإدامة حالة الحرب.
77.235.62.132
فقدان “العدو الخارجي”.. أزمة تماسك داخلي
منذ اندلاع الحرب في غزة، رفع الحوثيون شعار “الوقوف مع المقاومة ومواجهة العدوان الأمريكي–الإسرائيلي”، واستخدموه كذريعة لتجنيد المقاتلين، وفرض التبرعات، وتبرير الأزمات الاقتصادية في مناطق سيطرتهم.
لكن مع توقف القتال، يفقد الحوثي هذا الغطاء الدعائي الذي شكّل محور شرعيته التعبوية خلال العام الماضي.
ومع غياب “العدو الخارجي”، ستتجه الأنظار مجددًا نحو الداخل: نحو الرواتب المنقطعة، وتردّي المعيشة، وتفشي الفساد، وهي قضايا لم يعد من الممكن تبريرها بشعار “العدوان العالمي على اليمن”.
خطر الانفجار الداخلي
يُدرك الحوثيون أن الهدوء الخارجي قد يتحول إلى عاصفة داخلية إذا تصاعدت الأصوات الناقمة من سوء الأوضاع.
ولذلك، قد تسعى الجماعة إلى خلق مواجهة داخلية محدودة — مع قبائل معارضة، أو فصائل مناوئة، أو حتى حراك شعبي — لتعيد توجيه الغضب الشعبي نحو “عدو جديد”، وتحافظ على حالة الطوارئ التي تمنحها السيطرة المطلقة.
هذا السيناريو ليس جديدًا؛ فالجماعة استخدمته مرارًا حين واجهت أزمات شرعية داخلية، عبر اختلاق صراعات جانبية تُبقي الناس مشغولين بالخوف والدم، بدلًا من مساءلتها عن أسباب الجوع والفقر.
الاحتمال الأخطر: تصعيد مع دول الجوار
في المقابل، لا يُستبعد أن يلجأ الحوثيون إلى تصعيد محسوب مع دول ، خاصة في المناطق الحدودية، في محاولة لإحياء صورة “المقاومة ضد العدوان الخارجي” او الاستمرار في مهاجمة السفن في البحر الأحمر للفت الأنظار إليه .
ورغم التقارب النسبي الذي شهدته العلاقات مؤخرًا بوساطة عمانية، إلا أن الحوثي قد يجد في تحريك جبهة الحدود وسيلة لإعادة الزخم السياسي والعسكري الذي فقده بعد انتهاء الحرب في غزة.
ومع ذلك، فإن أي تصعيد ضد السعودية يحمل مخاطر كبيرة، إذ قد يعيد الحرب إلى مستويات غير مسبوقة، ويقوّض الجهود الإقليمية لإرساء تسوية في اليمن، في وقت يسعى فيه الجميع لتثبيت هدنة شاملة.
الحوثي بين مأزق السلام ومخاطرة الحرب
في مرحلة “ما بعد غزة”، يقف الحوثيون أمام مفترق طرق حقيقي:
إما الانخراط الجاد في مسار السلام الداخلي، ومعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة.
أو البحث عن حرب جديدة — داخلية أو إقليمية — لإعادة إنتاج خطاب “المظلومية والمقاومة” الذي بدأ يفقد بريقه.
لكن ما يبدو مؤكدًا هو أن انتهاء الحرب في غزة سحب من الحوثي أهم أوراقه الدعائية والسياسية، ووضعه أمام استحقاق صعب: مواجهة الواقع اليمني كما هو، بلا شعارات كبرى ولا عدو وهمي يمكن الاحتماء به.