اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٥ أيار ٢٠٢٥
أديس أبابا- تعرّضت الناشطة النسوية ليلا ميسيكير التي يتصفّح منشوراتها ملايين الأشخاص في إثيوبيا، لمضايقات عبر الإنترنت وتهديدات بالقتل، مما أجبرها على الفرار إلى كينيا، وهو وضع مؤلم تعزوه إلى النقص في الإشراف على المحتوى باللغات المحلية من جانب تيك توك في بلدها.
بدأت قضيتها في 22 تشرين الأول/أكتوبر، بعد أن نشرت مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدعو فيه النساء ضحايا العنف إلى الفرار من المعتدين عليهنّ، وهي رسالة وصفتها إحدى المؤثرات الإثيوبيات بأنها 'حملة كراهية ضد الرجال'.
اتُّهمت ليلا ميسيكير بأنّها مؤيدة لمجتمع الميم، وهي تهمة خطرة في هذا البلد المحافظ الذي يعاقب القانون فيه على العلاقات المثلية بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما.
تشير الناشطة النسوية البالغة 32 عاما إلى إنشاء مجموعة عبر تطبيق تيك توك تحرّض على العنف ضدها وقتلها. في تشرين الثاني/نوفمبر، وخوفا على حياتها، لم يكن أمامها خيار سوى الفرار إلى كينيا.
تقول باكية في مقابلة أجرتها معها وكالة فرانس برس من بُعد 'اضطررت إلى ترك عائلتي وعملي وكل ما أملك في إثيوبيا بسبب هذه التهديدات'.
وتضيف 'أنا مدمَّرة'، مؤكدة أنها تعاني حاليا من مشاكل نفسية ومالية، اذ باتت من دون موارد بسبب رحيلها المفاجئ إلى نيروبي.
يتحمل موقع تيك توك جزءا من المسؤولية عن هذا الوضع، لأنّ المنصة 'فاشلة تماما' في إدارة المحتوى باللغة الأمهرية، وكذلك باللغتين التغرينية وأفان أورومو، وهما لغتان أخريان يتحدث بهما الناس في إثيوبيا، على قولها. وتضيف 'لقد شاهدت مقاطع فيديو كثيرة عبر تيك توك لرجال إثيوبيين يتلفظون بتعليقات فظيعة عن النساء، ولكن لم يُتَّخَذ أي إجراء'.
- 'تقنيات متطورة' -
ردا على سؤال لوكالة فرانس برس، أشارت إدارة تيك توك إلى أن المنصة 'لا تتسامح مطلقا مع كراهية النساء وخطاب الكراهية' وتزيل '92% من المحتوى الذي ينتهك هذه القواعد قبل تلقّي أي بلاغ عنه'.
ودافعت المنصة في رد مكتوب قائلة 'نستخدم التكنولوجيا والإشراف البشري في أكثر من 70 لغة، بما في ذلك الأمهرية، لإزالة المحتوى'.
ومع ذلك، لا يُعتمَد الإشراف بشكل كبير، بحسب وركينه ديريبسا، وهو أستاذ في الصحافة في جامعة جيما الإثيوبية. ويعتبر أنّ تيك توك هي أرض خصبة للمحتوى 'الخطير جدا'.
ويقول إن 'التسجيلات الصوتية لعمليات اغتصاب جماعي لتلميذات مدارس، ومشاهد تظهر قطع رؤوس وتعذيب على أيادي متطرفين عنيفين، تُبث مباشرة في كثير من الأحيان، مصحوبة بلغة بذيئة'.
ويشير وركينه إلى أن المؤثرين عبر تطبيق تيك توك في الدولة الواقعة في شرق إفريقيا يكتسبون شعبية أيضا من خلال نشر مثل هذا المحتوى، مما يؤدي إلى تفاقم الصراعات وتفريق المجتمع.
وبحسب دراسة نشرتها أخيرا منظمة 'سنتر فور إنفورمايشن ريزيلينس' البريطانية، يشكل تصاعد خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي الإثيوبية جزءا من التوترات السياسية والإثنية والدينية التي تشهدها البلاد.
تقول فيليسيتي مولفورد، وهي باحثة في 'سنتر فور إنفورمايشن ريزيلينس': 'في إثيوبيا، كانت لخطابات الكراهية عبر الإنترنت عواقب مميتة أصلا'، خصوصا خلال الحرب بين الحكومة الإثيوبية والمتمردين في منطقة تيغراي، والتي خلفت ما لا يقل عن 600 ألف قتيل بين تشرين الثاني/نوفمبر 2020 وتشرين الثاني/نوفمبر 2022، بحسب الاتحاد الافريقي.
- 'عواقب مدمرة' -
في أوائل نيسان/أبريل، أعلن القضاء الكيني أنّ من اختصاصه البت بدور 'ميتا' المُتّهمة بالفشل في إدارة المحتوى الذي يروّج للكراهية والعنف بشكل كافٍ، مما مهّد الطريق أمام إجراء محاكمة.
ومن بين المدّعين في القضية، يؤكد ابراهيم ميريغ أنّ والده، وهو أستاذ جامعي، قُتل في أعقاب محتوى على فيسبوك نُشر في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وتضمّن اسمه وصورته وعنوانه، بالإضافة إلى أنه كان ينضم إلى حركة التمرد في تيغراي.
وفي حين أعلنت 'ميتا' في كانون الثاني/يناير عن نهاية برنامجها لتقصّي الحقائق في الولايات المتحدة، ثمة مخاوف كبيرة من تطبيق إجراءات مماثلة في دول أخرى وتحديدا في افريقيا.
وثمة شراكة بين وكالة فرانس برس و'ميتا' في هذا الإطار، عن طريق توفير خدمات تقصّي الحقائق وخصوصا في أفريقيا.
ترى فيليسيتي مولفورد أن مثل هذا 'التراجع' من جانب المنصات 'قد يكون له عواقب مدمرة في بلدان مثل إثيوبيا، حيث تتضاعف الانقسامات السياسية والتهديدات عبر الإنترنت'.
في حين أنّ الوضع في تيغراي يبقى غامضا، تتعرّض أوروميا، أكبر منطقة وأكثرها اكتظاظا بالسكان في إثيوبيا، منذ عام 2018 لحركة تمرّد مسلح وعمليات قتل طائفية لم تُحدَّد فيها هوية الجناة.
ومن المقرر أن يتوجه السكان البالغ عددهم 130 مليون نسمة في بلد يواجه توترات متزايدة مع إريتريا المجاورة، إلى صناديق الاقتراع عام 2026 لإجراء انتخابات برلمانية.
وفي هذا السياق، يشير الخبير الإثيوبي في القانون الرقمي ميغدلاويت جيتاهون، إلى أن 'فشل الإشراف (في شبكات التواصل الاجتماعي) لا يسمح فقط بازدهار الكراهية، بل يساعد أيضا في استمرار العنف وانتهاكات حقوق الإنسان دون رادع'.