اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في الوقت الذي يتعرض فيه قطاع غزة لأكبر عملية استنزاف بشري في تاريخه، تتكشف يوماً بعد يوم خيوط شبكة معقدة تعمل على دفع الفلسطينيين إلى خارج وطنهم تحت مسمى 'التهجير الطوعي' المزعوم.
فما بدا في ظاهره مبادرات إنسانية لنقل المرضى والمصابين، تحوّل – وفق خبراء – إلى مشروع سياسي منسّق تديره جهات إسرائيلية عبر شركات وجمعيات واجهة، وبأساليب تتجاوز القانون والأعراف الدولية.
وفي هذا السياق، يقدّم متخصصون في الشؤون الإسرائيلية والأمنية تحدثت إليهم وكالة 'قدس برس' صورة أكثر وضوحاً لعملية منظمة تستهدف تفريغ القطاع، مستخدمةً أدوات ناعمة حيناً، ووسائل ضاغطة حيناً آخر، وسط تساؤلات عن دور السلطة والوسطاء الدوليين في مواجهة هذا المخطط.
وقال أستاذ حلّ النزاعات الإقليمية والدولية والخبير في الشؤون الإسرائيلية علي الأعور، إن هناك معطيات خطيرة تؤكّد وجود مخطّط منظّم لتهجير سكان غزة تحت مسمى 'التهجير الطوعي' المزعوم، تديره شبكات وشركات تعمل بإشراف مباشر من المنسق الإسرائيلي.
وأوضح الأعور أن التحقيقات تشير إلى تورّط شركة إستونية يرأسها شخص يعمل لصالح وزارة 'جيش الاحتلال'، بحسب تقارير الإعلام العبري وصحافة دولية.
وأضاف أن آخر رحلة كُشف عنها كانت متجهة إلى نيروبي (كينيا) ثم جنوب أفريقيا، قبل أن تُفضح الشبكة كاملة، ما يؤكد – وفق قوله – أن ما يسمى التهجير 'الطوعي' المزعوم و'القسري' وجهان لعملة واحدة تهدف إلى تفريغ غزة من سكانها.
وتساءل الأعور عن غياب السلطة وسفاراتها، محذرًا من التعامل مع هذه الحالات باعتبارها 'قضايا إنسانية' فقط، بينما هي في جوهرها ملف سياسي بامتياز تنفّذه حكومة الاحتلال وفق رؤية أقرّها قادة متطرفون مثل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزراء في حكومته أمثال غدعون ساعر، وإيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش.
وأشار إلى مفارقة لافتة: قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر كانت (إسرائيل) تسمح بمرافق واحد فقط لأي مريض من غزة متجه إلى مستشفيات القدس، أما اليوم فهي تسمح بـ عشرة مرافقين، في إشارة سياسية واضحة، متسائلًا: 'ما الحاجة لعشرة مرافقين لكل طفل مصاب؟' ليخلص إلى أن الهدف لم يعد العلاج، بل تهجير السكان تحت غطاء طبي وإنساني.
وأكد أن السلطة أمام اختبار سياسي وأخلاقي لمنع استقبال هذه الحالات في دول العالم وإلزام إعادتهم إلى غزة، مشيرًا إلى أن الأطفال الذين ظهروا في الرحلات الأخيرة 'لم يكونوا في حالة خطيرة'، ما يعزز فرضية استخدام الملف الطبي كستار للتهجير.
وختم الأعور بأن المسؤولية تقع على الوسطاء والإدارة الأميركية والمجتمع الدولي، إضافة إلى السلطة، لأن 'ما يجري هو مؤامرة جديدة عنوانها: تهجير سكان غزة'.
من جهته، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري نضال أبو زيد؛ إن مجمل التسريبات والمعلومات المتداولة حول شركات التهجير تكشف عن ثلاث مؤشرات رئيسية: وجود مقر مركزي لهذه الشركات في شرقي القدس، وارتباط جميع الشركات بشخص واحد يبدو أنه يعمل من داخل جهة رسمية إسرائيلية، وتثبّت التحقيقات من أن عمليات التحويلات المالية وسفر الفلسطينيين تتم عبر قنوات إسرائيلية رسمية.
وبحسب أبو زيد، فإن هذه المؤشرات تؤكد أن عملية التهجير 'منظمة بالكامل' وتدار من قبل أذرع استخباراتية إسرائيلية، خصوصًا بعد إنشاء وحدة خاصة داخل رئاسة الأركان في نهاية 2024 تُعرف بـ'وحدة التهجير الطوعي'.
وأضاف أن الرحلات التي نُظمت للفلسطينيين جرت من دون أي أختام دخول أو خروج، ما يدل على تصميم الاحتلال على تنفيذ تهجير دائم، وقد اختيرت 'جنوب أفريقيا' لأنها لا تتطلب تأشيرة دخول.
كما كشف أن كثيرين تلقّوا وعودًا بالهجرة إلى كندا، لكنهم فوجئوا بالوصول إلى جنوب أفريقيا، ما يعكس – بحسب وصفه – 'خدعة تهدف إلى نقل الغزيين قسرًا'.
وأشار أبو زيد إلى أن عدد من جرى تهجيرهم عبر هذه الشركات بلغ 197 فلسطينيًا فقط، وهو عدد محدود جدًا مقارنة بسكان القطاع، ما يدل على تمسّك الغزيين بأرضهم رغم الحرب والدمار.

























































