أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدء إزالة الألغام ومخلفات الحرب في بعض المناطق السورية، في تحرك هو الأول من نوعه بعد سقوط نظام الأسد.

وقالت اللجنة، في تغريدة عبر منصة 'إكس'، إنه بعد 14 عاماً من الحرب، لا يزال التلوث الناجم عن الأسلحة يهدد حياة الملايين في سوريا.

وأضافت أنها تعمل مع الهلال الأحمر السوري لتغيير هذا الواقع، من خلال التوعية والمسح، مشيرة إلى أن نشاطها تطور ليشمل أيضاً نزع الألغام.

وسجلت سوريا منذ مطلع عام 2025 ارتفاعاً حاداً في أعداد ضحايا الألغام والذخائر غير المنفجرة، في وقت تستمر فيه التحذيرات من تدهور الوضع الإنساني في ظل غياب استراتيجية واضحة للتعامل مع هذا الخطر المتصاعد.

وارتفعت نسبة الضحايا الناجمة عن الألغام الأرضية في عام 2024 بنسبة 22% مقارنة بالعام الذي سبقه، وفقاً لمرصد الألغام الأرضية، فيما تشير أرقام اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن وتيرة الإصابات في الأشهر الأولى من عام 2025 تنذر بارتفاع أكثر حدة هذا العام.

وفي بيان صدر في الرابع من الشهر الجاري بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بالألغام، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر جميع الأطراف المتحاربة حول العالم إلى الالتزام بقوانين الحرب والقانون الإنساني الدولي، مشددة على ضرورة الحد من استخدام هذه الأسلحة التي تستهدف أرواح المدنيين، ولا تفرق بين طفل ومقاتل.

وأظهرت تقارير اللجنة في سوريا أن الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025 شهدت ما لا يقل عن 500 إصابة جديدة، في حين تم تسجيل 388 حادثاً ناجماً عن الذخائر المتفجرة خلال عام 2024، أسفر عن أكثر من 900 إصابة و380 وفاة، ثلثهم من الأطفال.

وساهمت الجهود المشتركة للجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري في تطهير أكثر من 737 ألف متر مربع، وتدمير 559 عبوة ناسفة، ما أتاح لنحو 93,500 شخص العودة إلى مناطقهم.

الألغام تحاصر المدنيين في سوريا

أكد خبير التلوث بالأسلحة في اللجنة الدولية، إريك تولفسن، أن خطورة الألغام تكمن في صعوبة اكتشافها وإمكانية انفجارها عند أدنى لمسة، مشيراً إلى أن تزايد استخدام العبوات الناسفة وتغير خطوط القتال، إضافة إلى تردي الأوضاع الأمنية، يعرقل عمليات المسح والتطهير ويضاعف معاناة السكان والمرافق الصحية المنهكة.

بدورها، سلطت اللجنة الضوء على خطورة هذا الملف في سوريا، مشيرة إلى أن البلاد شهدت منذ 8 كانون الأول الماضي وحتى نهاية آذار 2025 تسجيل 748 إصابة، بينها أكثر من 500 منذ بداية العام.

وذكر رئيس بعثة اللجنة في سوريا، ستيفان ساكاليان، أن عدد الإصابات في الأشهر الثلاثة الأولى من 2025 يقارب ما تم تسجيله طوال عام 2024، ما يعكس تصاعداً خطيراً في وتيرة الإصابات.

وفي شهادته، أوضح ساكاليان أن أطفالاً قضوا أثناء اللعب في درعا وحماة، وأصيبت نساء أثناء جمع الحطب والخردة في دير الزور وإدلب، بينما تعرض مزارعون لإصابات أثناء العمل بأراضيهم في دوما، ما يشير إلى اتساع رقعة الخطر وغياب الحماية.

وتابع أن وجود مركبات عسكرية مهجورة وذخائر منسية في مواقع القتال السابقة ساهم في زيادة تعرض المدنيين للخطر، خاصة مع عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية دون إدراك للمخاطر الكامنة فيها، إضافة إلى أن الأزمة الاقتصادية دفعت كثيرين لجمع الخردة لبيعها رغم المخاطر.

أكثر من نصف سكان سوريا يواجهون تهديداً يومياً

أشار ساكاليان إلى أن أكثر من نصف السكان في سوريا يعيشون تحت تهديد الألغام والذخائر يومياً، مضيفاً أن الأطفال هم الشريحة الأكثر تضرراً حيث يشكلون ثلث الضحايا.

كما أن التلوث الواسع بهذه الأسلحة يقيّد الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم، ويزيد من معدلات انعدام الأمن الغذائي نتيجة عزوف المزارعين عن العمل في أراضيهم.

وطالب ساكاليان بتوسيع حملات التوعية وتكثيف جهود إزالة الألغام، وتوفير التمويل والمعدات اللازمة لحماية السكان، مشدداً على أهمية دعم سبل العيش الآمنة للمتضررين وتزويدهم بالمساعدة النفسية والاجتماعية.

وعلى صعيد الحماية، أشار إلى أن 138 شخصاً من ضحايا الذخائر تلقوا دعماً جسدياً ونفسياً عبر مراكز الهلال الأحمر ووزارة الصحة المدعومة من اللجنة، فيما أُحيل 18 آخرون لتلقي رعاية طبية متقدمة، وحصل 381 شخصاً على مساعدات إنسانية لتحسين ظروفهم المعيشية.

خارطة الخطر.. توثيق 453 منطقة ملوثة بمخلّفات الحرب في سوريا

وختم ساكاليان بتأكيد التزام اللجنة الدولية والهلال الأحمر السوري بمواجهة أزمة الألغام، لكنه شدد على أن جهودهما لا تكفي وحدها، داعياً جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك السلطات السورية، إلى التعاون في تأسيس هيئة وطنية ومركز متخصص لمكافحة الألغام.