اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٠ كانون الأول ٢٠٢٥
نوال أبو حيدر
في ظل التحوّلات المناخية المتسارعة والفيضانات المتكررة التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، بات من الواضح أن البنية التحتية التقليدية لم تعد قادرة على مواجهة الهطولات الاستثنائية التي تفوق قدرات الشبكات الحالية. هذا الواقع فرض انتقال النقاش العام من معالجة مشاكل آنية كانسداد المصارف، إلى البحث في حلول أكثر شمولية تقوم على إعادة تقييم منهجي لشبكات التصريف، واعتماد صيانة وقائية تضمن استدامة القدرة التشغيلية للطرقات والمنشآت الحيوية.
وفي هذا الإطار، تبرز أهمية الدور الذي تلعبه وزارة الأشغال العامة والنقل عبر خططها الاستباقية وآليات التنسيق مع الجهات المعنية، بهدف الحدّ من الأضرار المتكررة خلال العواصف. فنتائج العاصفة الأخيرة وما رافقها من تراجع ملحوظ في عدد النقاط المتضررة، أعادت تسليط الضوء على فعالية الإجراءات الميدانية، وأثارت في الوقت ذاته أسئلة مشروعة حول مدى جهوزية البنية التحتية، وفعالية الرقابة، وقدرة المعالجات الحالية على الصمود أمام التحديات المناخية المقبلة. وفي سياق متابعة هذا الموضوع، يقدّم وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني توضيحا حول الإجراءات المتّبعة والمعالجات الجارية.
الصيانة الوقائية تحدّ من الفيضانات
في ظل الفيضانات المتكررة خلال السنوات الماضية، بات من الواضح أن معالجة انسداد مصارف الأمطار لم تعد كافية كحلّ منفرد، وأن واقع الهطولات الاستثنائية يفرض إعادة تقييم شاملة للبنية التحتية، بما يضمن تصميمها بما يتلاءم مع تحديات تغيّر المناخ وقدرتها على تحمّل الكميات المتزايدة من المياه.
من هذا المنطلق، يقول وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني لـ«اللواء» إن «معالجة انسداد المصارف أساسية، لكنها ليست كافية وحدها في ظل تغيّر المناخ والهطولات الاستثنائية. ما أثبتته العاصفة الأخيرة هو أنّ الصيانة الوقائية والمعالجات التي نفّذتها الوزارة جاءت بنتيجة مباشرة، إذ لم تشهد العديد من النقاط التاريخية الحسّاسة أي تجمّعات مياه للمرة الأولى منذ سنوات، ومنها: جونية، الهوا تشيكن، ضبية، نفق المطار عند المدخل والمخرج، دوحة الحص مقابل الـLaguna، السلطان إبراهيم، الجناح والدامور. أما التجمعات التي ظهرت فكانت نتيجة شدّة الهطولات في وقت قصير ونفايات عشوائية جرفتها السيول، وقد تدخّلت الفرق الميدانية سريعا وأعادت الوضع إلى طبيعته خلال وقت قياسي. وفي موازاة ذلك، تستمر فرق الطوارئ في الانتشار على مدار الساعة لضمان التدخل الفوري ومنع تحوّل أي انسداد إلى فيضان».
آلية تنسيق يومي بين الجهات المسؤولة
وفي سياق متصل، يتابع رسامني: «لأن هذا المشهد يتكرر في كل عاصفة، اعتمدت الوزارة آلية تنسيق يومية مع وزارة الداخلية والبلديات ومجلس الإنماء والإعمار ومتعهدّي جمع النفايات، تقوم على رفع وتيرة الجمع على طول الأوتوسترادات والمصارف، وتعزيز انتشار الحاويات في المواقع المخصصة لمنع تكدس النفايات وانجرافها، إضافة إلى ضبط المخالفين وتغريمهم وفق الإجراءات الرادعة المشتركة، ومواجهة تفاقم ظاهرة «النكيشة» التي تؤدي إلى تناثر النفايات حول المصارف».
معالجة جذرية للنقاط السوداء
وأمام كل تلك الأجواء، يشرح رسامني أن «»النقاط السوداء» هي المواقع التي سجّلت تاريخيا تكرارا في تجمعات المياه والانجرافات، وقد جرى تحديدها من خلال متابعة ميدانية مستمرة على مدى سنوات. وتقع هذه النقاط ضمن صلاحيات الوزارة، وقد خضعت لمعالجات بنيوية مباشرة شملت إصلاحات نفق الكوكودي، خلدة وتصحيح خطوط التصريف، تكبير شبكات التصريف في خلدة والناعمة واستبدال الخطوط القديمة، تنظيف مصبّ جسر الدامور، استبدال خط جونية، الهوا تشيكن إلى عمق 8 أمتار، وإصلاح العبّارة وتوسيع القناة في ضبية. وقد نفّذت الوزارة صيانة ومعالجات تخفّف الانسدادات وتحدّ من أضرار الهطولات الشديدة»، مضيفا: «خلال العواصف، تُفعّل الوزارة منظومة استجابة كاملة تضم فرق طوارئ جاهزة على مدار الساعة، ودعما من المتعهدين ومكاتب الإشراف في الأقضية كافة، ما يضمن تدخلا فوريا يمنع تطوّر الحالات، ويجعل المعالجات في هذه النقاط جذرية ومدعومة باستجابة تشغيلية دائمة».
رقابة صارمة لطرق فعّالة
مع الحديث عن اعتماد الصيانة الوقائية ورفع معايير الجودة في تنفيذ الأعمال، تبرز الحاجة إلى تعزيز ثقة المواطنين بفعالية هذه الإجراءات، خصوصا في ظل التجارب السابقة لانهيار بعض الطرق بعد العواصف. كما يصبح موضوع وجود رقابة مستقلة تشرف على التنفيذ عنصرا أساسيا لضمان الشفافية وتأكيد الالتزام بالمواصفات الفنية المطلوبة.
من هنا، يوضح رسامني أن «الوزارة تعتمد منظومة رقابية واضحة تضمن جودة الأعمال، إذ تشرف مكاتب الإشراف الاستشارية على كل مشاريع الصيانة والتلزيم، وتتابع التنفيذ وفق المعايير الفنية المطلوبة، إلى جانب تشديد شروط الالتزام على المتعهدين وتعزيز الرقابة الميدانية. والأهم أنّه لم تُسجّل أي انهيارات على طرقات تابعة لوزارة الأشغال خلال العاصفة الأخيرة، ما يعكس نتائج الصيانة الوقائية ودقة المتابعة اليومية».











































































