اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
خطوة جديدة سُجّلت على مسار إعادة تنظيم العلاقات اللبنانية – السورية، مع انعقاد الاجتماع الثالث للجنة القانونية – القضائية المشتركة في بيروت، حيث ناقش الطرفان ملفات حساسة تتعلق بالموقوفين والمفقودين والتعاون القضائي، وصولاً إلى ملفات الاغتيالات والمهربين الفارين من العدالة. الاجتماع الذي شارك فيه قضاة من البلدين عكس توجهاً جديداً نحو المصارحة والشفافية، في ظل استعداد القيادة السورية الحالية للتجاوب مع مطالب لبنان ومعالجة ملفات ظلّت لسنوات من المحرّمات السياسية والأمنية.
وفي التفاصيل، اجتمع نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري في مكتبه أمس مع الوفد السوري للاجتماع اللبناني – السوري الثالث وحضر جانباً من الاجتماع وزير العدل عادل نصار.
وتابعت اللجنة القانونية – القضائية المشتركة عملها، فناقشت مسودة أولى لاتفاقية التعاون القضائي بين البلدين.
وتم تبادل لوائح الموقوفين السوريين في لبنان، لا سيما الذين أوقفوا بتهمة الانتماء إلى فصائل معارضة للنظام السابق، والذين لم يرتكبوا جرائم في لبنان.
وأكد المجتمعون أهمية معالجة سريعة لعدد من الحالات والإسراع في إنجاز مشروع الاتفاقية الذي يضع الأسس القانونية لمعالجة شاملة لقضية السجناء والموقوفين السوريين في لبنان.
كما اجتمع وفدا الهيئتين الوطنيتين للمفقودين والمخفيين قسراً وتبادلا المعلومات الأولية واتفقا على وضع مذكرة تفاهم بينهما حول التشارك في جمع المعلومات المتوفرة لدى الدولتين الهيئتين والجمعيات المعنية والتعاون على صعيد البحث عن المفقودين والمخفيين الأحياء وكشف الحقائق عن مصائر الآخرين.
ولا يزال ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية القضية الأكثر تعقيداً في ظلّ المعلومات المتضاربة عن مصيرهم، والتي كانت سبباً في توتير العلاقة بين البلدين بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في ربيع عام 2005، حيث رفضت السلطات السورية الإفصاح عن معلومات كاملة أو تقديم إحصائيات دقيقة حول عدد المعتقلين اللبنانيين.
وطالب الوزير نصار الوفد القضائي السوري تزويد لبنان بمعلومات عن الاغتيالات التي نفذت في لبنان أيام نظام الأسد، وأيضاً تزويده بمعلومات عن الفارين اللبنانيين من العدالة، والذين لجأوا إلى سوريا.
وأكد نصار أن الوفد سيجري لقاءات مع قضاة لبنانيين، بالتنسيق الكامل مع وزارة العدل اللبنانية، بهدف بحث مجموعة من الملفات القضائية المهمة التي تمس العلاقات اللبنانية – السورية.
وشهد لبنان في ظلّ الوصاية السورية اغتيالات طالت شخصيات كبيرة، وحامت الشبهات حول مسؤولية الأمن السوري عنها، ومنهم رؤساء للجمهورية مثل بشير الجميل ورينيه معوض، ورؤساء حكومات منهم رفيق الحريري، ورجال دين أبرزهم مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد والشيخ صبحي الصالح، وشخصيات عسكرية وأمنية تم اغتيالها خلال فترة الوصاية السورية وبعدها، بحكم أنّ النظام السابق كان له نفوذ في لبنان، واستهدفت تلك الاغتيالات رئيس العمليات في الجيش اللبناني العميد فرنسوا الحاج، ورئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن وغيرهم.
وقال مسؤول لبناني لـ'الشرق الأوسط': 'طلبنا تزويدنا بكلّ ما تمتلكه الدولة السورية الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع من وثائق ومعلومات وأدلة عن هذه الاغتيالات التي شهدها لبنان، بدءاً من الزعيم الدرزي كمال جنبلاط، وصولاً إلى حادثة اغتيال الباحث لقمان سليم، وقد أبدى الجانب السوري تجاوبه بهذا الخصوص'.
ويشكّل اللقاء الذي عُقد في وزارة العدل اللبنانية في بيروت، نقطة تحوّل في العلاقات اللبنانية، لجهة مصارحة الجانبين بالملفات المعقدة التي كانت ممنوعة من البحث في ظلّ نظام الأسد، وأشار المسؤول اللبناني إلى أنّ الحوار الجديد 'مبنيٌّ على الشفافية والثقة المتبادلة بين بيروت ودمشق، في ظلّ وضوح المطالب السورية، واستعداد القيادة الجديدة في دمشق للتعاون مع لبنان في الملفات التي تعنيه، وهو ما يسهم في إعادة ترتيب العلاقة مع الدولة السورية بما يراعي مصالح البلدين الشقيقين'.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها 'الشرق الأوسط'، فإنّ الوفد السوري ضم ثلاثة قضاة عُرف منهم القاضيان خالد حمود ونمر النمير وقاضية شاركت لأول مرّة في اللقاءات، بالإضافة إلى ضابط برتبة عميد يمثل وزارة الداخلية السورية'، لافتاً إلى أن الوفد اللبناني 'تمثّل بكلٍّ من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم، ومسؤول ملفّ السجون في وزارة العدل اللبنانية القاضي رجا أبي نادر، والقاضية منى حنقير'.
وأكدت مصادر مواكبة للاجتماع أنها 'المرة الأولى التي يلمس لبنان جدّية من دمشق، وأنّ الوفد السوري بدا ممسكاً بالملفات التي يناقشها، ويناقشها بشكل علمي مع لبنان'.
وعلى أهمية الملفات القضائية والقانونية، يولي الجانبان اهتماماً كبيراً للقضايا الأمنية، وهذا الأمر كان موضع نقاش في أول زيارة قام بها وفد سوري لبيروت، والتقى نائب رئيس الحكومة طارق متري، وجرى خلالها إعطاء الأولوية لضبط الحدود، لا سيما محاربة تهريب الكبتاغون من سوريا إلى لبنان، وأحياناً من لبنان إلى سوريا.