اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يقف لبنان اليوم عند مفترق طرق حاسم بعد عقود من الانهيار الاقتصادي وخمسين عامًا من الحروب والشلل السياسي والمعاناة الاجتماعيّة. بالرغم من كل ذلك، يبقى هذا البلد الصغير غنيًا بمقوماته الكبيرة... شعب متعلّم وروّاد أعمال ناجحون وطاقة بشرية منتشرة في كل أصقاع العالم وتراث ثقافي نابض وموقع جغرافي استراتيجي على شاطئ البحر المتوسط.
السؤال ليس ما إذا كان لبنان يملك الإمكانات، فهو لطالما امتلكها، بل السؤال الأهم، هل نستطيع تحويل هذه الإمكانات إلى ازدهار فعلي؟ لقد فشلنا مرارًا في ذلك نتيجة نظام سياسي عتيق أنتج عدم استقرار مزمنًا، وفتح الباب أمام الاحتلالات والتدخلات الأجنبية، ومع ذلك، تَحمل اللحظة الحاليّة فرصة مختلفة. فمع وجود رئيس إصلاحي وحكومة تضع بناء دولة القانون في صلب أولويّاتها، بات من الممكن ترجمة الإمكانات إلى فعل، إذا ما تبنيْنا مقاربة اقتصادية جريئة مثل مبادرة إعادة توطين الثروة والإقامة في لبنان (LWR) وبرنامج الإقامة الذهبية اللبناني، القادرين على إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي بسرعة وفعالية.
لماذا يجب التحرك الآن؟
على مدى سنوات عديدة، عانى لبنان من عجز مزمن في جذب الاستثمارات. بقيت تدفقات رأس المال محدودة، في حين تمكّنت دول أخرى من إعادة تموضعها الاقتصادي عبر إصلاح أنظمتها الضريبيّة وتقديم برامج إقامة طويلة الأمد جذبت أصحاب الثروات الكبيرة والمكاتب العائليّة واستثماراتها.
لقد حان الوقت لأن يسير لبنان على نفس الطريق، فالمغتربون اللبنانيون وبعض المستثمرين الأجانب يحملون ارتباطًا عاطفيًّا عميقًا بهذا الوطن. ومع السياسات المناسبة، يمكن تحويل هذا الارتباط إلى التزام مالي حقيقي يضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد ويعيد الثقة بقدرة لبنان على النهوض.
فزيادة تدفقات رأس المال بمقدار 500 مليون دولار سنويًا فقط، قادرة على إحداث أثر ملموس في اقتصاد لا يتجاوز حجمه 30 مليار دولار، لما لذلك من تأثير مضاعف في قطاعات العقارات والسياحة والخدمات وفرص العمل.
هذه المبادرة تقوم على ستة أعمدة أساسيّة هي:
- نظام ضريبي صديق للثروة: ضريبة سنوية اختياريّة ثابتة تتراوح بين 25 و50 ألف دولار على الدخل الأجنبي المصدَر، مع إعفاء كامل من الضرائب على الأرباح والعوائد الخارجية والميراث والثروة على الاستثمارات المعتمدة، والهدف من ذلك، وقف نزيف رؤوس الأموال إلى الخارج وجذب أثرياء المهجر.
- دعم المكاتب العائلية وصناديق الاستثمار عبر تسريع إجراءات الترخيص، واعتماد ضريبة شركات ثابتة بنسبة 10%، وتحديث الأطر القانونية الخاصة بالصناديق والوصايات وإدارة الثروات.
- برنامج الإقامة الذهبية: إقامة لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد للمستثمرين في العقارات والمناطق الصناعية والاقتصادية، مع مسار خاص بشروط ميسّرة لأبناء اللبنانيين في الخارج.
- ركيزة قانونية ومؤسساتية متينة: إنشاء وحدة استثمار اقتصادي خاصة، ومكتب خدمات موحّد لتسهيل الإجراءات، وضمانات قانونية مُلزمة لحماية رؤوس الأموال الجديدة وفق معايير دولية.
- إعادة تسويق لبنان كوجهة حياة واستثمار عبر تقديمه كـ عاصمة أسلوب الحياة المتوسطي، بمزيج فريد يجمع بين المدينة والبحر والجبل والمطبخ العالمي والحياة الليلية وفصول الطبيعة الأربعة.
- استعادة الثقة والاستقرار من خلال ضمان عدم فرض قيود على رؤوس الأموال الجديدة، وتعيين مفوّض مالي للشفافية وإطلاق حملة عالمية تحت شعار العودة إلى لبنان، تستهدف الجيلين الثاني والثالث من أبناء الاغتراب.
نتائج متوقعة في 5 سنوات
إذا نُفذت هذه المبادرة في بيئة من الاستقرار والمصداقية، يمكن أن تَدرّ ما بين 2 و5 مليارات دولار من رؤوس الأموال الجديدة، وتُنشط سوق العقارات وتخلق آلاف فرص العمل وتجذب مقيمين جددًا من أصحاب الثروات الذين يستثمرون ويستهلكون محليًّا، لتستعيد بيروت تدريجيًّا مكانتها كمركز إقليمي للفرص والازدهار.
دعوة لإعادة تخيّل المستقبل
المسألة ليست حلًّا موقتًا ولا مُسكّنًا لأزمة آنية، بل رؤية لإعادة تعريف دور لبنان في العالم وبناء اقتصاد يقوم على الثقة والانفتاح. إنها دعوة لتعبئة طاقات المغتربين وجذب رأس المال العالمي وصياغة بيئة تزدهر فيها المواهب والثروات والابتكار.
لطالما كان اللبنانيون أكبر من أزماتهم وأقوى من حروبهم التي فُرِضت عليهم وأكثر صلابة من كل ما مرّ عليهم. واليوم، أمام شجاعة سياسيّة جديدة وإرادة اقتصادية واضحة، يمكننا تحويل التحديّات إلى فرصة تاريخيّة.
الوقت لا ينتظر... هذه هي الفرصة الذهبية للبنان، وإن ضاعت مجدّدًا، فلن يعذرنا التاريخ.











































































