وسط أجواء داخلية مشحونة بالتحديات السياسية والاقتصادية، وفي خضم تطورات إقليمية متسارعة، أعلنت رئاسة الجمهورية أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون يغادر اليوم الثلاثاء بيروت متوجهاً إلى العاصمة الأردنية عمّان، في زيارة رسمية إلى المملكة الأردنية الهاشمية، تلبية لدعوة من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.

وتأتي هذه الزيارة في توقيت بالغ الدقة، سياسيًا وأمنيًا، حيث ستشكّل مناسبة للتشاور في عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين لبنان والأردن، وفي طليعتها التطورات الإقليمية، خصوصاً في جنوب لبنان والأراضي الفلسطينية، إضافة إلى ملفات التعاون الثنائي في مجالات الأمن واللاجئين والطاقة، وهي قضايا تشكّل أولوية في علاقات البلدين، اللذين يواجهان تحديات متشابهة في أكثر من ملف.

ويرافق رئيس الجمهورية وفد رسمي رفيع المستوى، ما يعكس أهمية المحادثات المرتقبة في عمّان، والتي من المتوقع أن تسهم في توطيد العلاقات الثنائية وتنسيق المواقف في المنتديات الإقليمية والدولية، لا سيما في ما يخص مستقبل مهام قوات 'اليونيفيل' في لبنان، في ظل ما يُثار من تسريبات حول نيات بعض الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، عدم التمديد لمهمتها.

جولة خليجية عززت الانفتاح الإقليمي

تأتي زيارة العماد عون إلى الأردن بعد سلسلة زيارات رسمية قام بها إلى عدد من الدول الخليجية، في إطار تحريك العلاقات اللبنانية – العربية، وترميم ما تخللها من توترات خلال السنوات الماضية. فقد زار رئيس الجمهورية كلاً من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة قطر، حيث التقى كبار القادة والمسؤولين، وناقش معهم سبل دعم لبنان في أزمته الاقتصادية، وتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الاستثمار والطاقة والدعم الإنساني.

وقد لاقت هذه الزيارات ترحيباً خليجياً مشروطاً بإحداث إصلاحات داخلية جدية تضمن استقرار الدولة اللبنانية وتعيد ثقة المجتمع الدولي بها، وسط حرص خليجي واضح على استقرار لبنان، مع التأكيد على احترام سيادته وقراراته الوطنية.

انفتاح دبلوماسي لتثبيت الاستقرار

وتعكس هذه التحركات الخارجية لرئيس الجمهورية رغبة لبنانية واضحة في كسر العزلة والانفتاح مجدداً على العالم العربي، لا سيما الدول التي لطالما شكّلت عمقًا استراتيجيًا للبنان، سواء على الصعيدين السياسي أو الاقتصادي. ويعوّل لبنان على علاقاته التاريخية مع الأردن ودول الخليج لتوفير الدعم الضروري في ملفات إعادة الإعمار، واللاجئين، والتعاون الأمني، وهي ملفات تمسّ مباشرة الاستقرار الداخلي وتوازن علاقاته الخارجية.

وتحمل زيارة الرئيس عون إلى عمّان دلالات سياسية واضحة، في ظل مساعيه المستمرة لتفعيل الدور اللبناني في محيطه العربي.

وفي وقت تتزايد فيه الضغوط والتحديات على الساحة الداخلية، يظهر هذا الانفتاح خطوة ضرورية لكسر الجمود، وتعزيز التواصل مع الدول الشقيقة، والبناء على نقاط الالتقاء لمواجهة المرحلة المقبلة بمواقف أكثر تماسُكًا وتضامنًا.