اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ٣٠ كانون الأول ٢٠٢٥
كتب محمد دهشة في 'نداء الوطن':
سحب سلاح المخيمات كان الحدث الأبرز في عام 2025 في مسار الوجود الفلسطيني في لبنان، وشكّل محطة مفصلية في إنهاء عسكرتها للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، والاتجاه بها نحو الحياة المدنية القائمة على الحقوق والواجبات، مع انقسام فلسطيني مع حركة 'حماس' بلغ ذروته إثر مقاربة هذا الملف الشائك دون تنسيق مسبق، امتدادًا لما يجري في غزة عقب حرب الإبادة الإسرائيلية.
واللافت في سحب السلاح أنه ترافق مع تغييرات غير مسبوقة داخل حركة 'فتح' على كل المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والشعبية والإعلامية وحتى الدبلوماسية، حيث أطاحت بالسفير أشرف دبور الذي كان يمسك بزمام القرار الفتحاوي برمّته، ليحلّ مكانه السفير محمد الأسعد الذي بدأ سياسة جديدة تتمثل بالمزيد من الانفتاح على الواقع اللبناني ومعالجة تداعيات الماضي.
واللافت أيضًا، فتح نافذة أمل لبدء حوار رسمي لبناني – فلسطيني على ملف الحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية، على أن تُتوَّج بتشريعات من مجلس النواب تنهي عقودًا طويلة من الحرمان والفقر والبؤس زنرت المخيمات، في تصاعد الأزمات المعيشية داخلها وارتفاع نسبتي الفقر المدقع والبطالة من جهة، واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية من جهة أخرى.
السلاح الفلسطيني
في أيار، وُضع ملف السلاح على نار حامية، ونجح التعاون المشترك بين السلطة الفلسطينية والدولة اللبنانية في سحب الثقيل والمتوسط منه داخل المخيمات، بعد إقفال ملفه نهائيًا خارجها مع سقوط النظام السوري برئاسة بشار الأسد (8 كانون الأول 2024)، وكانت خاضعة لتنظيميّ 'القيادة العامة' و'فتح الانتفاضة' على الحدود مع سوريا وصولًا إلى منطقة الناعمة.
ووضعت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان (21 أيار)، بعد لقائه الرئيس اللبناني جوزاف عون، مسودة الاتفاق على تسلّمه ضمن خطة الدولة اللبنانية لبسط سلطتها على كامل أراضيها، بما فيها المخيمات، وبادرت حركة 'فتح' – 'قوات الأمن الوطني الفلسطيني' إلى تسليمه بعد ثلاثة أشهر بالتمام والكمال (21 آب) إلى الجيش اللبناني كوديعة (عهدة).
وتزامنت الخطوة الأولى مع وصول السفير الجديد الأسعد إلى بيروت لمباشرة مهامه الدبلوماسية (19 آب) خلفًا للسفير دبور، ومع زيارة نجل الرئيس 'أبو مازن'، ياسر عباس إلى لبنان، وبمواكبة مباشرة من قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء العبد إبراهيم خليل، الذي وفد من رام الله، للإشراف على العملية وتفاصيلها.
ووفقًا لخريطة سحب السلاح، فقد جرى على أربع مراحل، من بيروت كبادرة حسن نية كونها العاصمة، ومن صور كونها تقع جنوب نهر الليطاني وقد شملها القرار 1701، ومن صيدا كونها عاصمة الشتات ومركز القرار، ومن طرابلس كونها مركز الثقل السني.
وقد بدأت المرحلة الأولى في برج البراجنة (21 آب 2025)، والثانية في مخيمات جنوب الليطاني: الرشيدية، البص، والبرج الشمالي (28 آب 2025)، والثالثة في مخيمات بيروت: برج البراجنة، شاتيلا، ومار الياس (29 آب 2025)، والرابعة في مخيميّ عين الحلوة في صيدا والبداوي في الشمال (13 أيلول 2025).
وخلال العام، أُثيرت قضية إطلاق صواريخ من جنوب لبنان، ليتبيّن أن عناصر من حركة 'حماس' هي المنفذة من دون تشاور مع القيادة السياسية. وتعهد ممثل الحركة في لبنان أحمد عبد الهادي بالالتزام بتوصيات المجلس الأعلى للدفاع ومقررات الحكومة اللبنانية، وعدم تنفيذ أي عمليات انطلاقًا من الجنوب، والعمل على تسليم المتورطين، مؤكدًا عدم تعكير صفو أمن لبنان أو الدول العربية.
الانقسام الفلسطيني
وأثار تسليم السلاح انقسامًا داخليًا فلسطينيًا غير مسبوق، نتيجة غياب التنسيق المسبق حول ملف يُعدّ من أكثر القضايا حساسية. وظهر هذا الانقسام جليًا مع قيام ممثل الرئيس عباس نجله ياسر، وقائد قوات الأمن اللواء خليل، والسفير الأسعد، تولّي التنسيق في هذا الملف وفي كثير منه بعيدًا من الأضواء والإعلام، بعد عملية ترتيب شاملة لـ 'البيت الفتحاوي' سياسيًا وتنظيميًا وعسكريًا.
توازيًا، تحرك عباس الابن والسفير الأسعد من جهة، ورئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني السفير رامز دمشقية، والمديرة العامة لوكالة الأونروا دوروثي كلاوس من جهة أخرى، نحو المسؤولين اللبنانيين، وقاربوا رؤية جديدة لملف الحقوق الفلسطينية. وأسفرت اللقاءات عن قرارات منها السماح بإدخال مواد البناء والأثاث إلى المخيمات، والتحضير لإصدار بطاقة بيومترية خاصة باللاجئين، وخفض رسوم السجل العدلي، تمهيدًا لإقرار حقوق أوسع.
بينما قوبل ذلك بإعلان حركة 'حماس' والقوى المتحالفة معها ولادة 'اللقاء التشاوري الوطني الفلسطيني' في تشرين الثاني 2025، والذي ضم قوى التحالف و 'الجبهة الشعبية'، والقوى الإسلامية و 'أنصار الله' و 'التيار الإصلاحي' لحركة 'فتح' بقيادة العميد محمود عيسى 'اللينو'، بعد صياغة رؤية مشتركة لقضايا اللاجئين والسلاح، وفضلت 'الجبهة الديمقراطية' عدم الانخراط، داعية إلى إعادة تفعيل هيئة العمل المشترك بدل استحداث أطر جديدة.
تغييرات 'فتح'
وتزامن ملف السلاح مع تغييرات جذرية داخل حركة 'فتح' عقب زيارة الرئيس عباس إلى بيروت. ففي 9 حزيران 2025، أصدر قرارًا بتشكيل لجنة عليا لمتابعة الشأن الفلسطيني في لبنان، أعقبها تشكيل لجان فرعية لتقييم الأطر التنظيمية والعسكرية والإعلامية، تمهيدًا لإجراء تغييرات واسعة.
وفي 5 تموز 2025، صدر قرار بإلغاء تعيين السفير أشرف دبور نائبًا للمشرف العام على الساحة الفلسطينية، ثم إعفائه لاحقًا من منصبه كسفير لدولة فلسطين في لبنان، وتعيين السفير محمد الأسعد بدلًا منه.
وشملت التغييرات إعادة هيكلة قوات الأمن الوطني، وإلحاق وحدة أمن السفارة بها، وتعيينات قيادية واسعة في مختلف المناطق، إلى جانب حل إقليم 'فتح' في لبنان وإجراء انتخابات تنظيمية على ثلاث مراحل في تشرين الأول 2025، تُوّجت بانتخاب قيادة جديدة للإقليم برئاسة الدكتور رياض أبو العينين.
وفي 7 آب 2025، أصدر الرئيس عباس قرارًا أعاد بموجبه مرجعية اللجان الشعبية في المخيمات إلى دائرة شؤون اللاجئين، ومنحها صلاحيات كاملة في التواصل مع الدولة اللبنانية، مع الدعوة إلى إعادة هيكلة اللجان على أسس تمثيلية وكفوءة.
الاعتداءات الإسرائيلية
شهد العام تصعيدًا إسرائيليًا باتجاه مخيم عين الحلوة في 18 تشرين الثاني 2025، حيث استهدفت غارة جوية موقفًا للسيارات وملعبًا رياضيًا قرب مسجد خالد بن الوليد في الشارع التحتاني، ما أسفر عن سقوط 13 ضحية بينهم فتيان، إضافةً إلى عدد من الجرحى.
وتُعد الغارة الأولى على المخيم منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و'حزب الله' في 27 تشرين الثاني 2024، والثانية خلال حرب الإسناد، بعدما استُهدف منزل القيادي الفتحاوي سابقًا اللواء منير المقدح، ما أدى إلى مقتل نجله وزوجته وآخرين.
وجاءت الغارة استكمالًا للاعتداءات الإسرائيلية، حيث اغتالت إسرائيل (7 أيار 2025) أحد كوادر حركة 'حماس' خالد أحمد الأحمد الملقب 'فاروق'، إذ استهدفت طائرة مسيّرة سيارته من نوع 'رابيد' بصاروخين في منطقة الفيلات على طريق المية ومية.
كما اغتالت إسرائيل بطائرة مسيّرة القيادي القسامي حسن فرحات داخل شقته في حي الزهور في 4 نيسان 2025، ما أدى إلى مقتله مع ولده وابنته. وقبله القيادي في كتائب القسام محمد شاهين في 17 شباط 2025 عند مدخل صيدا الشمالي.











































































