باريس ليست غريبة عن لحظات الموضة المذهلة، ولكن في ليلة 28 يناير 2025، وفي قاعة الاحتفالات الموسيقيّة الكبيرة 'بلييل' Salle Pleyel الشهيرة، قدّم ستيفان رولاند Stephane Rolland عرضاً تخطّى فكرة الأزياء الراقية وكان أشبه بسيل من كلمات الشعر، روتها العارضات وهنّ يسرن في حركة متواصلة. كانت مجموعة الـ'هوت كوتور' التي ابتكرها رولاند لربيع 2025 قصيدة للعظمة، والأناقة، والفن النحتي، بلغت ذروتها في نهاية العرض وتركت الجمهور في حالة الدهشة. وفي قلب تلك اللحظة، أطلّت كوكو روشا، مغطاة بتحفة باهرة بتفاصيل الريش فاقت الجمال والتوقعات.

سيمفونية الضوء والحركة

من اللحظة الأولى التي أطلّت فيها العارضات على المدرج، بات جلياً أن هذا العرض لن يكون عادياً. فقد أضاء التوهّج الناعم للأضواء الذهبية العباءات التي طفت مثل الأجرام السماوية، منحوتة بدقة معمارية لا يمكن إلا للمبدع ستيفان رولاند إتقانها. رسمت الأردية الطويلة الحريرية المتدفقة والأكتاف المبالغ فيها والقصّات المنسدلة بحبكاتها المعقدة رؤية لملوك العصر، كل قطعة عبارة عن بيان جريء في الحركة.

كان التركيز على لوحة الألوان التي لا تندثر، ألوان أيقونيّة في عالم الأناقة، منها: الأبيض، الأسود، الذهبي العميق، والفضّي الأثيري، ما يسمح للقوام والصور الظلية بأن تبرز بأحجام كبيرة. نسج الكريب الفاخر والأورغانزا المتموّجة والساتان السائل سرداً من الدراما والرقيّ، وجاءت بعض العباءات مزيّنة بزخارف خفيّة، عاكسة للضوء كالكواكب المشعّة في سماء الليل.

رؤية من خلال الريش

وعلى وقع النغمات الموسقيّة التصويريّة الختامية المتصاعدة للأوركسترا، تحوّل المدرج إلى مشهد من السحر الخالص. ظهرت كوكو روشا، المعروفة بحضورها المسرحي على المدرج، وقادت العارضات اللواتي ملأن المسرح مثل كائن من فضاء آخر بثوبها الذي يشبة انفجاراً مذهلاً من الريش الأبيض، صُنع لتجسيد حركة الرياح.

بدا فستانها كأنه معجزة هندسية، يحوم حول جسدها بدلاً من ارتدائه ببساطة. مع كل خطوة، رفعت كوكو روشا الريش وتمايلت، كما لو أنها تحلّق. وحوّلت منصّة العرض بحركاتها الرشيقة الشبيهة برقصة الباليه إلى مسرح يحتضن عملاً فنيّاً حيّاً. جلس الجمهور في صمت مذهول، قبل أن ينفجر بالتصفيق الذي هزّ جدران قاعة الاحتفالات.

عرض سيبقى في الذاكرة

كانت مجموعة ستيفان رولاند هوت كوتور لربيع 2025 أكثر من مجرد عرض للموضة، لقد كانت تجربة، وأداءً، ولحظات من الزمن ستُنقش في تاريخ الأزياء الراقية. مع كوكو روشا كمُلهم أساسي له، ذكّرنا رولاند بأن الأزياء الراقية الحقيقية لا تتعلق فقط بالنسيج والخيط، ولكنها تدور في فلك سرد القصص المجبولة بالأحاسيس، وذروة الرؤية الفنيّة.

في موسم مليء بالعروض الباهرة، برز هذا العرض بحرفيته التي لا تشوبها شائبة، كواحدٍ من أروع العروض، بفضل قدرته على السفر بنا إلى عالم الأحلام، حتى لو كان ذلك فقط ليلة واحدة لا تنسى.