اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٦ كانون الثاني ٢٠٢٥
منذ اندلاع الحرب، تعمل إسرائيل على إقامة منطقة عازلة بعمق 5 كلم على حدودها الشمالية. وتعمد إلى نسف القرى والبلدات الحدودية، وتحويلها إلى أرض محروقة. ولا يمر يوم منذ بدء هدنة الـ 60 يوماً، من دون أن يقوم الجيش الإسرائيلي بنسف أحياء داخل تلك القرى من الناقورة حتى كفركلا.
تدخل بلدة علما الشعب التي تقع بين بلدتي الضهيرة والناقورة، ضمن المنطقة العازلة. وقد دُمّر الجزء الأكبر من منازلها. ويحاول نائب رئيس بلديتها وليام الحداد جمع بعض المعلومات عمّا يحصل في البلدة، غير أنه لم ينجح. وقال: 'لا أحد يستطيع الوصول إلى البلدة، ويتخوّف أهلها من ألّا يعودوا إليها، وألّا يبقى في حوزتهم سوى المفاتيح'.
لا يمكن إحصاء حجم الخسائر التي حلّت بعلما الشعب جرّاء 'حرب المساندة'. فالقطاع الزراعي هو الخاسر الأكبر. إذ تم تجريف حوالى 400 دونم من أشجار الزيتون المعمّرة التي يتخطى عمرها الـ300 عام، وكانت تعدّ مصدر الرزق الأساسي لأهلها. وتحتاج هذه الأشجار إلى سنوات عدّة لإعادة نموّها وإنتاجها. ويبقى السؤال وفق حداد: 'من سيعوّض علينا هذه الخسائر المادية والمعنوية؟'، أضاف أنّ 'هذه الحرب كانت الأقسى والأعنف على الجنوبيين عموماً وأهل علما خصوصاً'. وتساءل: 'هل سنعود إلى علما الشعب؟ أم سيدمرها الإسرائيلي لأجل بناء منطقته العازلة؟'.
دُفنت كل مقومات الحياة في علما، من بنى تحتية وكهرباء ومياه واتصالات. وتلفّ الحسرة والحزن أبناء البلدة الذين صمدوا في الأشهر الأولى من الحرب التي لم يقرّروها ولم يريدوها. حتى أنّهم أصّروا في العام الأول من الحرب على الاحتفال بعيديّ الميلاد ورأس السنة ورفع الشجرة هناك. أما اليوم، فيختلف المشهد. ويقول حداد: 'لا نعرف شيئاً عن علما إلا من خلال صور الأقمار الإصطناعية. نخاف من المجهول، نخشى ألّا نعود إلى أرضنا ومنازلنا'.
يتمسك أبناء علما الشعب المشتتين في عدد من البلدات الآمنة بحلم العودة، يعيشون واقعاً نفسياً صعباً، وينتظرون دخول الجيش اللبناني إلى البلدة ليعودوا إليها.
في المقابل يواصل الجيش الإسرائيلي تفجير منازل بلدة الضهيرة التي لم يسلم منها حتى مقابرها، وهذا ما يخيف حداد من أن يصل النسف إلى علما الشعب 'حيث تركنا هناك كل ذكرياتنا وحياتنا وجنى عمرنا. لم نأخذ معنا شيئاً'.
حين توقّفت الحرب، ظنّ أبناء بلدة علما الشعب أن العودة باتت ممكنة. غير أن ما حصل، هو أنهم ما زالوا يعيشون الحرب التي لم تنته فصولها بعد. يقول حداد: 'العديد من أبناء البلدة وتحديداً كبار السنّ يموتون بحسرتهم، فهؤلاء يرون ويسمعون عن تدمير البلدة وتدمير ذاكرتهم، ولا يتحمّلون'.
يعيش حداد، كما كل أبناء قرى الشريط الحدودي هاجس المنطقة العازلة، لأنّ تحقيقها يعني القضاء على هذه البلدات ومحوها عن بكرة أبيها. لذا يأمل حداد وكلّ أهالي البلدات الانتهاء من هذا الكابوس سريعاً والعودة إلى حياتهم التي لا معنى لها خارج بلداتهم وأرضهم.