ترأست وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية، هند قبوات، مباحثات مع رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في سوريا، لورانس هارت، تمحورت حول بحث أوضاع اللاجئين وسبل تسهيل عودتهم إلى البلاد.

وركّز اللقاء، وفق بيان الوزارة، على مناقشة الآليات الكفيلة بتأمين البيئة المناسبة لتسريع 'العودة الآمنة والكريمة'، مع التأكيد على مبدأ الطوعية وضمان الكرامة والاستقرار للعائدين، وأعربت الوزيرة عن ترحيبها باستئناف عمل المنظمة وافتتاح مكتبها في سوريا بعد انقطاع طويل، مشيرة إلى أهمية دورها في دعم جهود العودة الطوعية.

يأتي هذا اللقاء في إطار الموافقة الرسمية لوزارة الخارجية السورية في شهر آب الماضي على إعادة تأسيس وجود المنظمة الدولية للهجرة وتوسيع عملياتها الإنسانية في عموم البلاد، وذلك بهدف تعزيز التنسيق ودعم جهود التعافي والعودة الطوعية.

تحذير أممي من بروكسل: 'فرصة جيل قد تضيع'

من جهة أخرى، اختارت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) التوقيت ذاته لنشر بيان عبر منصاتها، كشف عن عودة أكثر من 3 ملايين سوري إلى ديارهم خلال العام الفائت، من بينهم 1.2 مليون لاجئ عائد من الخارج و1.9 مليون نازح داخلي عادوا إلى مناطقهم الأصلية.

غير أن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، صاحبَ الإعلان بتحذير شديد اللهجة، واصفاً اللحظة الحالية بأنها 'فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل للمساعدة في إنهاء واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم'. وأضاف غراندي: 'بدون دعم عالمي عاجل، ستغلق نافذة الأمل هذه.. السوريون مستعدون لإعادة البناء، والسؤال هو ما إذا كان العالم مستعداً لمساعدتهم على القيام بذلك'.

هذا التصريح يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، في وقت تؤكد فيه الأرقام الرسمية أن أكثر من 13 مليون شخص داخل سوريا لا يزالون بحاجة إلى مساعدة إنسانية، بينهم ملايين النازحين داخلياً.

التحرك الأوروبي المحسوب

من جانبها، شددت مسؤولة السياسة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، خلال مؤتمر صحفي في بروكسل، على أن الاتحاد 'يعمل على دعم الحكومة السورية في المجالين الأمني والاقتصادي، إلى جانب المضي قدماً حيال الشراكة السياسية مع سوريا'، وأشارت إلى أن اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيبحث الأوضاع في المنطقة، وخاصة في سوريا ولبنان.

وأكدت كالاس أن الاتحاد الأوروبي كان 'السباق في رفع العقوبات عن سوريا' بهدف المساعدة على إعادة الإعمار، لافتة في الوقت ذاته إلى أن رفع العقوبات وحده لا يكفي، إذ 'يحتاج المستثمرون إلى بيئة مستقرة وثقة في النظام القانوني للاستثمار'.

وتتطابق هذه التصريحات مع الموقف الرسمي السوري الدائم، الذي يربط بين عودة اللاجئين ورفع العقوبات الغربية، معتبراً ذلك شرطاً أساسياً لبدء مرحلة إعادة الإعمار التي تحتاج، بحسب تقديرات البنك الدولي، إلى أكثر من 200 مليار دولار.

تعهدات حكومية واستعدادات ميدانية

على الصعيد المحلي، رحب ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا، غونزالو بارغاس يوسا، بالتزام الحكومة السورية الذي أعلنته خلال استعراض التقدم في المنتدى العالمي للاجئين، والمتعلق بإيجاد حلول مستدامة للاجئين ودمجها في السياسات والخطط الوطنية.

من جهتها، أشارت نائبة رئيس بعثة المفوضية في سوريا، عسير المضاعين، في تصريحات سابقة، إلى وجود 'إطار عمل إقليمي لعودة اللاجئين السوريين الراغبين'، مع التنويه بأن 'العودة ستكون صعبة في بعض المناطق المتضررة'.

وتعمل الحكومة السورية على عدة محاور لتحسين البيئة الداخلية، منها خطة لتحسين إمدادات الكهرباء خلال عام ونصف، وترميم عشرات المدارس، بهدف إعادة آلاف الطلاب إلى مقاعد الدراسة، وفق تصريحات رسمية.

وتشير التحركات المتزامنة في دمشق وبروكسل إلى رغبة أطراف دولية عديدة في تحويل الصفحة في الملف السوري، مع التركيز على ملفي إعادة الإعمار وعودة النازحين، ويعكس لقاء دمشق مع منظمة الهجرة الدولية انفتاحاً رسمياً على التعاون مع المنظمات الأممية بعد سنوات من التوتر، في محاولة لتحسين صورة البلاد ودعم الاستقرار.