‏- في عام 2016، عندما سقطت حلب وبدأت الثورة السورية بالانهيار، ثم ما بين عامي 2019 و2020 كانت الخسارة الأكبر، وبلغت ذروتها في عام 2020 عندما جرت الهدنة في شهر مارس/آذار في سوتشي عبر الاتفاق بين تركيا وروسيا، حيث وصل الإحباط إلى أقصاه.

‏- فأولاً، فخامة الرئيس الشرع عوّد من يعمل معه – ولن أقول إنه لا يعرف الهزيمة – لكنه يرفض الاستسلام. نعم، يمكن أن نخسر، لا مشكلة في ذلك، لكن لا نستسلم. بل نعود فوراً لتقييم أنفسنا: أين أخطأنا؟ وما الذي كان يجب أن نفعله؟ اليوم التالي لا يهمنا كثيراً بصراحة، بل نتجه مباشرة إلى كيفية معالجة الموضوع.

‏- عندما أجرينا تقييماً لمسار الثورة، تساءلنا: لماذا هُزمنا هزيمة ساحقة في عام 2020؟ بصراحة، لم يبق لدينا شيء سوى إدلب، وخسرنا الغوطة القريبة من دمشق، ودرعا، وحمص. خلال أربع سنوات فقط، بين 2016 و2020، تكبدنا خسائر فادحة جداً.

‏- كنا نحلل حالة النظام: كيف استطاع استعادة تلك المناطق؟ فوجدنا أنه استغل نقاط ضعف لدينا، واستثمر ظروفاً معينة، واستفاد من التدخل الروسي لصالحه، كما استغل أطرافاً محددة. كل ذلك كان ضمن تحليل معمّق.

‏- حتى على مستوى المجتمع، كنا نتساءل: لماذا لا يزال جزء من الشعب السوري حتى اليوم موقفه رمادياً؟ ولماذا لم يختر أن يكون ضد النظام؟ ولماذا هناك فئات ليست من النظام لكنها تقف إلى جانبه؟ ولماذا وقفت بعض الطوائف مع النظام رغم أنها لا تستفيد منه فعلياً؟ وما الذي يجب علينا فعله كي لا تختبئ هذه الطوائف خلفه، أو تحتشد وراءه، وألا يتمكن من استغلالها حتى سياسياً؟ كل هذه التفاصيل كانت محل نقاش دائم بيننا، وخصوصاً مع الرئيس.

‏- ومن ضمن هذا التحليل كان الدور الروسي واضحاً. فاليوم، إذا أردت إحداث أي تغيير في سوريا بعيداً عن سلاح الطيران، فإن الأمور إن شاء الله محسومة. مهما بلغت قوة النظام، فهو يمتلك إمكانيات ضخمة لكنه يفتقر إلى العقيدة، كما أنه لا يملك نفساً طويلاً في المواجهة. كان دائماً ينتصر عبر التفوق الجوي: يدمر المدينة ثم يتقدم إليها بقوات المشاة.

‏- وضعنا خيارات متعددة. في ذلك الوقت، عام 2024، كان هناك تقدير بأن إيران لم تعد قادرة على تقديم شيء فعّال لنظام بشار، نظراً للظروف التي تمر بها. وبالتالي، بنسبة كبيرة، لن تكون طرفاً مؤثراً في المعادلة، أو إن كانت موجودة فلن تكون بفاعليتها السابقة كما في 2015 أو 2020.

‏- بقي الروسي هو الطرف الأكثر نشاطاً. وكان هناك رصد دقيق لمطار حميميم، حيث وُجد سرب من الطائرات، ولدينا توثيق مصوّر لذلك. صورنا كل شيء، وكان هناك قرابة عشرين طائرة، ولو تم تفعيلها لكانت قادرة على تدمير كل الوضع القائم، لا سيما أن عام 2024 شهد تجربة 'حكومة الإنقاذ' في إدلب، والتي رافقها نوع من التنمية الاقتصادية، فتغيرت إدلب، ونشأت مدن صناعية، وظهرت تجمعات سكنية جديدة. وخلال الفترة ما بين 2020 و2024، شعر الناس بحالة من الهدوء والاستقرار النسبي.

‏توصلنا إلى حل: ما مصلحة الروس في سوريا؟ هل مصلحتهم مرتبطة بنظام بشار كنظام، أم أنهم يريدون الحفاظ على مصالحهم مع سوريا كدولة؟ أم يستفيدون من هذا الموقع لخدمة مصالح معينة، أم أنهم يسعون فقط إلى تثبيت وجودهم؟ وعلى هذا الأساس وضعنا له خطة لتحييد سلاح الجو الروسي.

* مقتطفات من حوار لوزير الخارجية مع مجلة المجلة