اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شهاب للأنباء
نشر بتاريخ: ٤ تموز ٢٠٢٥
بيروت - شهاب
في مشهد ملحمي تاريخي من الصمود والقتال، تواصل غزة دفاعها الأسطوري ضد آلة الحرب الإسرائيلية الهائلة منذ أكثر من عشرة أسابيع، ضمن مواجهة مستمرة تقارب العامين، العملية العدوانية الأخيرة، التي أُطلق عليها الاحتلال اسم 'عربات جدعون'، جاءت بأعلى مستويات التعبئة العسكرية، فقد حشد الاحتلال أكثر من 460 ألف جندي، ودفع بسبع فرق عسكرية ونخبة وحداته المدرعة بهدف 'سحق غزة' و'تدمير حركة حماس'، حسب تصريحات رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو.
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور ميخائيل عوض، في تصريح لوكالة شهاب للأنباء، إن كثافة النيران والقصف الجوي و المدفعي، وغياب الدعم العربي والدولي، لم يمنع غزة من البروز وحدها بصمود أسطوري مقاوم رافض للاستسلام، وابتكار ميداني تجاوز الحسابات التقليدية في ميزان القوى، فقد أعلنت المقاومة الفلسطينية عن إطلاق عملية 'حجارة داوود' في مواجهة العدوان العسكري وحرب الإبادة، في دلالة رمزية على صراع غير متكافئ ظاهريًا، لكنه يعكس إرادة لا تلين.
ويضيف عوض، إن 'الحجارة التي حملها أطفال غزة أصبحت اليوم صواريخ ومضادات وطائرات مسيّرة في أيدي رجال مقاومين صنعوا من العجز والعدم قوة وتحدي'، واعتبر أن 'الاسم المختار للعملية، حجارة داوود، ليس عشوائيًا، بل هو نفي صريح لاحتكار الكيان الصهيوني للرمزية الدينية، وتأكيد أن الأنبياء والرسل يرفضون قتل الأبرياء وإبادة الشعوب'.
فشل الأهداف
ويؤكد عوض أن رغم كل الجهود العسكرية التي بُذلت من قِبل الاحتلال وحلفائه، بما في ذلك الدعم الأمريكي المفتوح والتورط غير المعلن للناتو، لم تحقق العملية أهدافها المعلنة، فالمقاومة في غزة لا تزال تقاتل، وتبتكر، وتتصدى لكل محاولة لاختراقها أو تحطيم بنيتها.
ويصف عوض هذه المواجهة بأنها 'شكل جديد من أشكال حروب العصابات والمقاومات الثورية، استطاعت أن تعيد تعريف قواعد الاشتباك، وتكشف فشل المدرسة الكلاسيكية في الحسم أمام بيئة مقاومة مدروسة ومرنة'.
ووفقاً لعوض، فإن هذه الجولة من الحرب، التي اتسعت إلى مواجهة إقليمية شملت أيضاً تصعيداً مع إيران استمر لاثني عشر يومًا، أثبتت فشل إستراتيجية الردع الإسرائيلية المطلقة، وأظهرت ضعف تحالفات التطبيع والصمت العربي.
ويقول: 'نتنياهو ذهب إلى الحرب مدعومًا بكل أدوات القوة والدعم، لكنه وجد نفسه اليوم على أبواب البيت الأبيض، في انتظار دونالد ترامب، الذي منحه الوقت والسلاح، ولكنه في النهاية سيطالبه بإيقاف الحرب أمام العالم باتفاق مع نتنياهو من تحت الطاولة، بعدما فشلت في تحقيق أهدافها'.
ويرى الدكتور عوض أن لحظة وقف إطلاق النار – إن تمت قريبًا – ستُعتبر إنجازا معنويًا لغزة، وتنسف الرواية الصهيونية الكاذبة للعالم، ويضيف: 'إذا أُضطر نتنياهو على التراجع، فسيكون ذلك إعلانا بقدرة رجال غزة على التحدي، ونجاحهم في فرض معادلة جديدة، وتحقيق قفزة في مسار تحرير فلسطين ستظهر آثارها بالمستقبل القريب'.
وأكد أن صمود غزة رغم الحصار والمجاعات، يكشف عن معجزة عسكرية بحد ذاتها، تجعل من القطاع – رغم كل آلامه – طرفًا مركزيًا في صياغة معادلات القوة والصراع في المنطقة.
'حجارة داوود' تنتصر
في خضم المعركة، ترتفع أصوات الثبات من تحت الركام، فـ'اطفال الحجارة كبروا'، كما يقول عوض، و'حجارتهم أصبحت حجارة داوود'، تقارع الجيوش وتواجه الدبابات وتُحرج الأنظمة، هذه المعركة، ليست فقط جولة في الحرب على غزة، بل نقطة تحول في طبيعة المواجهة مع الاحتلال، وتكشف عن توازنات قوى جديدة تُرسم في المنطقة، سيكون لغزة فيها موقع مهم، كقوة لا يمكن تجاوزها.