اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
بينما لا يزال قطاع غزة يرزح تحت وطأة حرب إبادة خلفت أكثر من 69 ألف شهيد ودمارًا غير مسبوق، سلط تحقيق لصحيفة هآرتس العبرية الضوء على جهة غامضة تُدعى 'المجد'، نظمت رحلات اقتصادية (منخفضة التكاليف) لتهجير عشرات الفلسطينيين من غزة خلال الأشهر الماضية.
التحقيق المعتمد على وثائق رسمية وشهادات ركاب ومسؤولين ونشر الأحد، يثبت -وفق نشطاء ومراقبين- أن ما يجري هو 'اقتلاع قسري' مستتر تحت ضغط الجوع والدمار وفقدان الأمل.
وتدّعي 'المجد' أنها منظمة إنسانية وفقا للصحيفة العبرية رغم أنه لا وجود قانونيا لها في الأماكن التي تزعم العمل منها، كما أنها مرتبطة بشخص يحمل جنسية إسرائيلية إستونية يدعى تومر جانار ليند.
وذكرت 'هآرتس' أن موقع المنظمة يعرّفها بأنها مؤسسة تعمل على 'تقديم المساعدة للمجتمعات المسلمة في مناطق الحروب'، لكن الصحيفة العبرية اكتشفت أن هذه المنظمة غير مسجلة في ألمانيا ولا في فلسطين كما تدّعي، بل إن تحقيق الصحيفة كشف أن موقعها الإلكتروني أنشئ فقط في فبراير/شباط، وأن روابط سحاباتها على شبكات التواصل الاجتماعي لا تعمل.
وتذكر 'هآرتس' أن نسخة أقدم من الموقع الإلكتروني للصحيفة تضمنت شعار شركة إستونية اسمها 'تالنت/غلوبز' تبين أنها مملوكة لـ'تومر ليند' نفسه، وتقول الصحيفة إنها عندما اتصلت بليند (لم ينكر دوره) لكنه اكتفى بالقول 'لا أرغب في التعليق في هذه المرحلة، ربما لاحقا'.
استغلال الغزيين
وكانت سفارة السلطة في جنوب أفريقيا قد اتهمت تلك المنظمة بأنها 'كيان غير مسجل ومضلل استغل الظروف الإنسانية المأساوية لشعبنا في غزة، وخدع العائلات، وجمع الأموال منهم، ونظم سفرهم بطريقة غير قانونية وغير مسؤولة'.
كما حذر بيان من وزارة خارجية السلطة من الوقوع ضحية لـ'شبكات الاتجار بالبشر وتجار الدم ووكلاء التهجير'.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها 'هآرتس'، فإن الراغبين بالخروج يطلب منهم دفع ما بين 1500 و2700 دولار، كما أنه يتم التواصل معهم فقط عبر واتساب من رقم يبدو إسرائيليا.
ولفتت الصحيفة إلى أن مواقع تجمّع هؤلاء الأشخاص تتم داخل غزة قبل ساعات من المغادرة، ثم تُنقل المجموعات عبر حاجز كرم أبو سالم إلى مطار رامون قرب إيلات، ومنه إلى دول مثل كينيا وإندونيسيا وماليزيا وجنوب أفريقيا.
دور إسرائيلي خلف الكواليس
وتقول 'هآرتس' إنها علمت أن مكتب ما تسمى 'الهجرة الطوعية' في وزارة جيش الاحتلال هو الذي أحال منظمة المجد إلى منسق أعمال حكومة الاحتلال لتنسيق خروج الفلسطينيين.
وذكرت أن مجلس وزراء الاحتلال المصغر وافق في مارس/آذار الماضي على ما سماه 'تخفيف القيود الأمنية' الخاصة بخروج الغزيين في سياق ما سميت 'خطة ترامب لتهجير سكان غزة'.
وكانت آخر مجموعة -وهي مكونة من 153 شخصا- قد واجهت احتجازا داخل الطائرة لأكثر من 12 ساعة في جوهانسبرغ، لأن السلطات الجنوب أفريقية قالت إن 'وثائقهم غير مكتملة، ولا يملكون تذاكر عودة، كما أن جوازاتهم لم تُختم عند مغادرتهم (إسرائيل)'، وتحدّث الركاب عن ساعات صعبة 'من دون طعام أو ماء'.
غموض الوسطاء
وأوضحت 'هآرتس' أن الجهات المشاركة في النقل ظلت غامضة، فهناك: شركة فلاي يو، وهي شركة رومانية نفذت رحلات اقتصادية إلى كينيا عبر وكيل سفر إسرائيلي، لكنها رفضت كشف اسمه.
شركة غلوبال إيرويز (ليفت) التي نقلت الركاب من كينيا إلى جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا قالت إن الوسيط في تلك العملية هو 'كيبريس تركيش إيرلاين'، وأنه أبلغها بأن الركاب 'سيزورون جنوب أفريقيا لمدة أقل من 90 يوما' ولا يحتاجون لتأشيرة.
أما وزارة جيش الاحتلال فقالت 'هآرتس' إنها رفضت التعليق على هذه القضية.
'تطهير عرقي ناعم'
وسرعان ما أشعلت نتائج تحقيق 'هآرتس' موجة غضب واسعة على وسائل التواصل، حيث وصفه نشطاء بأنه 'تطهير عرقي ناعم'.
أبو خالد (@abwkhal28648240) كتب: 'كشفت صحيفة هآرتس تفاصيل مثيرة عن نقل 154 فلسطينيًا من غزة إلى جنوب أفريقيا عبر منظمة تُسمى ’المجد أوروبا‘، وسط اتهامات بأنها تعمل بالتنسيق مع الاحتلال. ما يجري ليس صدفة، إنه تهجير مقنّع.'
أما صالح أبو عزة (@salehabuizzah)، فقال: 'مشروع تهجير الغزيين لم يُسقط من أجندات نتنياهو. في تحقيق هآرتس، ظهرت جمعية ’مجد‘ كمؤسسة إنسانية للمسلمين، بينما يديرها إسرائيلي إستوني ينسّق مع حكومة الاحتلال لإخراج الفلسطينيين. هذا تطهير عرقي منظم يستغل الجوع والدمار.'
أما ريم العلوي (@ReemAlalwi16517) فوصفت القضية بأنها: 'تهجير صامت تحت لافتة ’الإجلاء الإنساني‘. رحلات سرية من كرم أبو سالم إلى مطار رامون، ومأساة جوهانسبرغ كشفت المستور: 153 فلسطينيًا تُركوا في المطار بلا حماية.'
وقالت ليلى بن شطريط (@1__leila): 'تحقيق هآرتس كشف شركة غامضة يديرها إسرائيلي–إستوني تُخرج مئات الفلسطينيين من غزة مقابل 2000 دولار للمقعد، بتنسيق حكومي ضمن عمليات ما تسمى 'الهجرة الطوعية'.
بلا ضمانات
ورغم تعريف الرحلات بأنها 'إجلاء إنساني منخفض التكلفة'، إلا أن التحقيق يوضح أنها كانت تتم دون أي ضمانة قانونية أو إنسانية للمسافرين، الذين طُلب منهم توقيع تعهّد بعدم العودة إلى غزة.
سياسيًا، يعيد التحقيق ربط هذه العمليات بمحاولات إسرائيلية متكررة — قوبلت برفض دولي واسع — لفرض مشاريع تهجير في فبراير 2025، وهو ما يجعل 'المجد أوروبا' أشبه بحيلة للالتفاف على الرفض الدولي.
الصورة التي تتشكل من تحقيق 'هآرتس' ومن ردود النشطاء توضح أن 'المجد أوروبا' ليست منظمة إنسانية بل قناة لتهجير الفلسطينيين تحت ضغط الكارثة الإنسانية، وبالتنسيق مع دوائر رسمية إسرائيلية.
وفي وقت تحاول فيه( إسرائيل) إعادة طرح التهجير بطرق 'أكثر هدوءًا'، يتشبث الفلسطينيون بالبقاء، رافضين كل محاولات الاقتلاع مهما اشتدت الظروف.

























































