حذّر الباحث في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، عازر غات، من أن 'إسرائيل' تقف عند مفترق طرق عسكري وسياسي في قطاع غزة، وسط غياب رؤية استراتيجية واضحة لإنهاء الحرب، وتآكل ما تبقى من شرعية دولية للعملية العسكرية المستمرة منذ أشهر.

غات، الذي شغل سابقًا مواقع استشارية أمنية، وصف في تحليله المطوّل أي رهان على 'نزع سلاح حماس' بأنه غير واقعي، مشيرًا إلى أن الدول العربية الراعية للخطة المصرية كانت تدرك مسبقًا حدود هذا السيناريو، وأن دخول قوات عربية أو استبدال حماس بسلطة فلسطينية أو فصائل موالية بات خارج الطرح العملي. كما يرى أن الرهان على كسر سطوة حماس يتطلب أكثر من مجرد عملية عسكرية أو إعادة السلطة بصيغتها الحالية إلى القطاع.

أخطر ما تناوله غات هو تأكيده أن الحرب أوقعت 'إسرائيل' في أزمة شرعية متفاقمة، سواء على مستوى الرأي العام الدولي أو داخل المحيط الغربي التقليدي. وأشار إلى أن الخطاب اليميني المتطرف الذي بدأ على هامش الحكومة بات يهيمن على مركز القرار، ما أدى إلى خسائر فادحة في العلاقات مع أوروبا وتراجع التأييد الأميركي، حتى في أوساط كانت داعمة خلال إدارة ترامب.

من الناحية العسكرية، يشير غات إلى أن منع تكرار سيناريو 7 أكتوبر غير مضمون حتى مع إضعاف حماس، فطالما بقي التهديد الصاروخي قائمًا، فإن الردع الإسرائيلي يظل في مهب الريح. ويعتبر أن الحديث عن القضاء الكامل على 'كل عنصر في حماس' غير واقعي ميدانيًا، وأن الأهداف المنطقية ينبغي أن تتمحور حول تفكيك القيادة، وشبكات الأنفاق، والحد من السيطرة التنظيمية على المعابر والإمدادات.

يُحذر غات من مغبة الانسحاب من القطاع دون تغيير جذري في ميزان القوة، معتبرًا ذلك هزيمة سياسية وعسكرية ستلاحق الجيش والحكومة على حد سواء. كما يشير إلى أن الافتراض بأن 'إسرائيل' يمكنها استئناف الحرب في وقت لاحق هو مجرد وهم خطير، مؤكدًا أن حماس في حال استعادة بنيتها التحتية ستحصّن نفسها في شبكة الأنفاق، ولن تكون الغارات الجوية أو التوغلات المحدودة كافية لتفكيك قدراتها مجددًا.

وفي انتقاد مباشر للقيادة السياسية، يصف غات خطاب شخصيات مثل سموتريتش ونتنياهو بـ'الكارثي'، حيث يُلوّح الأول بإبادة غزة بالكامل، فيما يربط الثاني الحرب بـ'رؤية ترامب'، في محاولة لإرضاء الحلفاء المتطرفين. ويرى أن هذا الخطاب يُقوّض إمكانية التوصل لهدف عملي للحرب، ويغرق إسرائيل في عزلة دولية تتسع يومًا بعد يوم.