في كلمة استثنائية خلال طاولة نقاش خاصة نظّمتها 'جمعية الشرق الأوسط' في لندن، بعنوان 'لبنان والمنطقة: الماضي والحاضر والمستقبل'، قدّم البروفيسور نادر البزري، أستاذ الفلسفة والحضارة والزميل البحثي في جامعة لندن، رؤية فلسفية جديدة للبنان، معتبرًا أن الوطن الصغير ليس 'مشكلة عبثية في الشرق الأوسط'، بل منصة يمكن من خلالها إطلاق ممارسة جديدة للسلام، والتعددية، والازدهار.

وشدّد البزري، في كلمته التي حضرها نخبة من الباحثين والدبلوماسيين والخبراء في شؤون الشرق الأوسط، على أن التحولات التي يشهدها العالم اليوم تتجاوز تبدل التحالفات، لتصل إلى إعادة تشكيل خرائط سياسية وجغرافية موروثة لم تعد صالحة لزمننا.

وأكد أن منطق 'سايكس-بيكو' يتهاوى تدريجيًا، وأن التشبث بمخلفات هذا النظام يُعد تجاهلاً للحظة ديناميكية تحمل في طيّاتها إمكانات التجدّد الوجودي في منطقة الهلال الخصيب، حيث يحتل لبنان موقعًا رمزيًا واستراتيجيًا كمركز لإعادة إنتاج حضارية للمنطقة.

ورأى البزري أن لبنان لا يُمثل فشلًا في نموذج الدولة الحديثة، بل يفضح حدود الحداثة التي قمعت التعددية تحت شعار السيادة الموحدة. واعتبر أن لبنان لا يُحكم بوحدة مصطنعة، بل بالتعددية باعتبارها شرطًا وجوديًا.

وأشار إلى أن هذه التعددية ليست فسيفساء عشوائية، بل حقل غني بالتداخلات الروحية والثقافية والحضارية التي تجعل من لبنان نموذجًا حيًا لإمكانية العيش المشترك القائم على الحوار لا الصراع