لطالما ركز الخبراء على فوائد لا تعد ولا تحصى للشاي والقهوة، وأخيراً، صدرت دراسة تحليلية من 'الجمعية الأميركية للسرطان' ( American Cancer Society)  كي تؤكد على ميزة جديدة لهما تتمثل في قدرتهما على خفض خطر الإصابة بسرطانات الرأس والعنق. وقد نشرت صحيفة 'واشنطن بوست' ( Washingtonpost) الأميركية تقريراً موسّعاً عرضت فيه تفاصيل تلك الدراسة التي نهض بها فريق علمي دولي.

وكبداية، ليس من الواضح كيفية تأثّر سرطانات الرأس والعنق بمشروبي الشاي والقهوة، لكن دراسة الفريق العالمي راجعت بعمق الأرقام المتصلة بإصابات تلك الأنواع من الأورام الخبيثة، ورصدت علاقة عكسية بين التناول المعتدل للمشروبين الشائعين وبين معدلات الإصابة بالأورام المشار إليها.

هل يكمن مفتاح العلاقة في مضادات الأكسدة؟

يشمل تعبير  سرطانات الرأس والعنق مجموعة من الأورام الخبيثة التي تصيب سقف الحلق والبلعوم والجيوب الأنفية والأنف والغدد اللعابية. وتمثل تلك المجموعة من السرطانات الفئة السابعة الأكثر شيوعاً عالمياً بين الأورام الخبيثة.

وتصيب مجموعة سرطانات الرأس والعنق قرابة 900 ألف شخص في العالم، وتُحدِثْ أكثر من 400 ألف وفاة سنوياً. وفي الدراسة الحديثة تبين أن تناول أربعة أكواب من القهوة يومياً يخفض خطر الإصابة بهذه المجموعة السرطانية.

وبشكل مفاجئ، تبيّن أن التأثير الوقائي للقهوة لا يعتمد على الكافيين، لأنه حدث حتى لدى من تناولوها خالية من تلك المادة. وبالتالي، مال الفريق العالمي الذي تولى أمر الدراسة التحليلية إلى ربط التأثير الإيجابي للقهوة مع مركبات اخرى موجودة فيها على غرار مواد الـ'بولي فينول' (polyphenols) المعروف بأنها من مضادات الأكسدة (Anti Oxidants).

ويطلق العلماء تسمية أكسدة على آلية تفاعل مباشر بين ذرات الأوكسجين ومكونات مختلفة في الجسم، وتحصل غالباً أثناء عملية التمثيل الغذائي، خصوصاً للحصول على الطاقة. وبات من المعروف علمياً أن تراكم مركبات الأكسدة يساهم في عدد كبير من الأمراض المزمنة على غرار باركنسون وآلزهايمر وأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها.

وفي ما يتعلق بالشاي، بيّنت الدراسة أنه يكفي تناول كوب واحد منه كي يحدث انخفاض في خطر الإصابة بسرطانات العنق والرأس.

مشاركة المعلومات ضرورة علمية

واستندت هذه الدراسة التحليلية إلى دراسات عن موضوعها تشاركتها مع مراكز علمية مختلفة في العالم. وبالتالي، تجمعت لدى الفريق العالمي بيانات من 14 دراسة علمية عن مجموعة الأورام الخبيثة في الرأس والعنق.

وبالنتيجة، أجرى الفريق العالمي تحليلاً لبيانات تلك الدراسات التي شملت 9548 حالة من تلك المجموعة السرطانية، وقورنت مع بيانات 15783 حالة ضابطة، بمعنى أنها لأشخاص غير مصابين بتلك الأورام الخبيثة.

وتحصل لدى الفريق العالمي أن تناول 4 أكواب من القهوة في اليوم يساعد على خفض خطر الإصابة بمجموعة الأورام الخبيثة في الرأس والعنق، لاسيما منها سرطانات الفم  والبلعوم، بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يتناولون هذين المشروبين.

وكذلك ظهر أنه حتى في حال تناول أقل من كوب من القهوة الخالية من الكافيين ينخفض خطر الإصابة بسرطان الفم، بالمقارنة مع من لا يتناولون هذا المشروب.

واتضح أيضاً أن تناول حتى أقل من كوب من الشاي في اليوم يخفض خطر الإصابة بسرطانات الرأس والعنق، لاسيما منها سرطان الحلق، بالمقارنة مع ما يحصل في حال عدم تناول هذا المشروب. وظهر التأثير الإيجابي نفسه على سرطان البلعوم بشكل خاص، حينما جرى تناول كوب شاي أو أكثر في اليوم.

هل من خصوصية للقهوة والشاي؟

جاءت نتائج هذه الدراسة كي تستكمل نتائج  دراسات سابقة حول سرطانات الرأس والعنق، لكن تلك البحوث لم تركز على تأثيرات القهوة والشاي.  في المقابل، أظهرت دراسة أجريت عام 2015 حدوث تراجع في خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم بفضل القهوة. ورصدت تأثيراً إيجابياً مماثلاً للشاي على السرطانات بصورة عامة.

وفي دراسة سابقة اخرى، تبيّن أن تناول القهوة باعتدال يخفض خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني الذي يصيب البالغين، وكذلك الحال بالنسبة إلى أمراض القلب.

وقد رُصد تأثير إيجابي مماثل للقهوة في خفض خطر الإصابة بسرطان الثدي.