بعد أيام قليلة على انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون، حسمت الكتل النيابية، خيارها باتجاه الاستحقاق التالي نحو تشكيل الحكومة، وقد أفضت الاستشارات النيابية المُلزمة إلى نتيجة مفاجئة، قضت بتكليف القاضي نواف سلام، بعد حصوله على 84 صوتاً من أصل 128.

اول المتفاجئين بالتكليف كان 'حزب الله'، الذي كان ينتظر تكليف رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي المقرّب منه، فقال النائب محمد رعد باسم كتلة 'الوفاء للمقاومة': 'لقاؤنا مع الرئيس جوزاف عون من أجل أن نعرب عن أسفنا لمن يريد أن يخدش إطلالة العهد التوافقية'.

وبعد ان وصف ما حصل بـ'الكمين'، أضاف رعد بلهجة صارمة 'من حقّنا أنّ نُطالب بحكومة ميثاقية، ونحن سنُراقب الخطوات ونترقّب بكل حكمة، وسنرى أفعالهم لإخراج إسرائيل وإعادة الأسرى'.

'الكمين'حسب منطق تحالف 'الثنائي الشيعي' (أمل وحزب الله)، هو حجب الميثاقية عن اول رئيس حكومة مكلف في عهد الرئيس جوزاف عون

هذا 'الكمين' الذي وقع فيه 'حزب الله'، حسب تفسيره، هو حجب الميثاقية عن اول رئيس حكومة مكلف في عهد الرئيس جوزاف عون، بعد امتناع النواب الشيعة عن التسمية، وهو ما اوقع 'حزب الله' في ثورة الغضب وردّة فعل غير واقعية، ما لبث ان تلقفها برّي، ليبدأ باظهار مهاراته في حركة تدوير الزوايا التي يشتهر بها.

حركة بري

فبعد ان قال رئيس مجلس النواب نبيه بري: 'ليس هذا ما اتفقنا عليه، ونرفض التسليم بالامر الواقع'، نفى المكتب الاعلامي للرئيس بري ما نشرته 'نداء الوطن'،عن مزاعم مختلقة حول نيته لإقفال البرلمان، ثم بعد ان اجتمع بري بالرئيس الجمهورية المنتخب، كشفت مصادر اعلامية عن 'ضمانات تلقاها الثنائي، بعدم إقصاء أي مكون، وان البلد لا يمشي بصيغة غالب ومغلوب، انما وفق قاعدة الجميع رابح وبالتالي لا خشية من عزل او استفراد أحد'، أوضح 'ان الثنائي الشيعي أجرى مراجعة للموقف من الاستحقاق الحكومي وكانت الخلاصات إيجابية جدا'، وقد أكد بري بعدها لـ'الشرق الأوسط' إن 'الأمور ليست سلبية للغاية'، ممتنعاً عن تحديد الخطوات التي سيقوم بها.

إقرأ أيضا: في ظل رئيسين واعدين.. حذار من «نشوة الإنتصار»!

وبدفع من الرئيس بري، وفي مبادرة شيعية تعكس تلك الروح الايجابية، قام نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب على رأس وفد علمائي، بزيارة القصر الجمهوري مهنئا عون بانتخابه أمس الثلاثاء، وضم الوفد ايضا المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان وعدد من المفتين والقضاة الشرعيين.

هنا يتوقّع ان يبدأ رئيس مجلس النواب نبيه بري بقيادة المرحلة المقبلة، في انخراط الطائفة الشيعية بالمشهد السياسي المقبل

وقال بعدها الشيخ الخطيب، 'نحن على ثقة ويقين بان الرئيس جوزاف عون يحمل المواصفات والإرادة لتطبيق خطاب القسم، والوحدة الوطنية الحقيقية لحماية لبنان وسيادته، وتحريره من العدو الإسرائيلي، ونحن على ثقة بأننا في عهد جديد مع الرئيس جوزاف عون، وفي مرحلة جديدة من تاريخ لبنان، نخرج فيها من العصبيات الطائفية والصراعات بين الطوائف، ومحاولات الكسر والانكسار'.

إقرأ أيضا: بالفيديو.. بيئة الحزب يخيب أملها بإيران بعد سقوط الأسد: دماء شبابنا ذهبت سدى!

ومن هنا، يتوقّع ان يبدأ رئيس مجلس النواب نبيه بري بقيادة المرحلة المقبلة، في انخراط الطائفة الشيعية بالمشهد السياسي المقبل، الذي لن يكون محوره المقاومة وسلاحها كما كان واقع الحال سابقا، وانما اعادة بناء ما تهدّم من قرى وبلدات بفعل العدوان الاسرائيلي من جهة، وكذلك العمل على بناء ركائز جديدة لدولة قوية حديثة، وعد رئيس الجمهورية العتيد جوزلف عون بقيامها، كما وعد رئيس وزرائه المكلّف نواف سلام بإنشائها ايضا، وبسط سلطة الدولة على كامل الاراضي اللبنانية بعد تحريره من الاحتلال.