في مشهد سياسي يعكس إصرار الدولة على المضي في مسار الإصلاح رغم العواصف الداخلية والخارجية، فتح رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أبواب قصر بعبدا أمام وفود محلية واغترابية، مؤكّدًا أن معركة استعادة الثقة بين الشعب والدولة قد انطلقت بلا رجعة، وأن لا سقف فوق رأس أحد في مواجهة الفساد، في وقت تتكامل فيه الجهود لتهيئة بيئة آمنة وجاذبة لعودة أبناء لبنان المنتشرين حول العالم.

فقد شدد الرئيس عون خلال استقباله في القصر الجمهوري وفدًا طلابيًا من المؤسسة المارونية للانتشار، على أن العمل جارٍ لبناء الثقة بين الشعب اللبناني والدولة، وكذلك بين الدولة والخارج، بهدف وضع البلاد على السكة الصحيحة. وقال بلهجة حاسمة: 'في محاربة الفساد لا خيمة فوق رأس أحد، وقد سقطت كل المحرمات في هذا السياق، والقرار اتُّخذ'.

كما أعربت  المديرة العامة للمؤسسة  هيام البستاني عن فخرها بتقديم 70 شابًا وشابة من المتميزين في الأكاديمية المارونية، قادمين من بلدان عدة، مؤكدة أنهم سفراء للمستقبل يحملون رسالة الوحدة والانتماء، وسيعودون إلى بلدانهم للترويج للمواطنة اللبنانية وتعزيز الروابط مع الوطن الأم، على أمل أن يعود كثيرون منهم للاستثمار والبناء والعيش في لبنان.

وردّ الرئيس مرحبًا بالوفد ومثنيًا على دور اللبنانيين في الانتشار الذين يشكلون عمودًا فقريًا للوطن وسفراء له في الخارج، مشيرًا إلى المؤشرات الإيجابية التي بدأت تظهر نتيجة الإصلاحات الاقتصادية، واستقلالية القضاء، والإصلاح المصرفي، ورفع السرية المصرفية، بما يؤمّن بيئة آمنة ومستقرة تسهّل عودة المنتشرين والاستثمار في لبنان.

كما شدد الرئيس على ضرورة التحصن في مواجهة محاولات ضرب الدولة، مؤكّدًا أن القرار اتُّخذ لوضع لبنان على المسار الصحيح بعد سنوات طويلة من الإهمال، رغم سعي البعض لإفشال هذا المسار، لافتًا إلى أن العمل مستمر لتنفيذ خيار الدولة وحدها.

وفي إطار متصل، استقبل الرئيس وفد 'الاتحاد الوطني لشؤون الإعاقة' الذي عرض التحديات التي تواجه المؤسسات المتخصصة، خصوصًا في ظل الأزمة الاقتصادية وتأخر توقيع وتجديد العقود مع الدولة، مطالبًا بصرف المستحقات المالية المتأخرة ودعم هذا القطاع الحيوي الذي يشغّل آلاف الموظفين ويخدم عشرات آلاف المستفيدين. وأكد الرئيس اهتمامه الدائم بهذه الفئة ووجوب رعايتها من الدولة والمجتمع وصولًا إلى تحقيق الاندماج الكامل، واعدًا بمتابعة المطالب مع الوزارات المختصة.

كما التقى الرئيس وزير الإعلام بول مرقص والرئيسة الجديدة لمجلس إدارة 'تلفزيون لبنان' الدكتورة اليسار نداف التي عرضت خطتها لتفعيل دور التلفزيون الوطني كمساحة توافق والتقاء، متمنيًا لها التوفيق في مسؤولياتها الجديدة. كذلك، استقبل المدير العام لهيئة 'أوجيرو' أحمد عويدات الذي أطلعه على أوضاع الهيئة وخطة العمل بعد تسلمه مهامه.

بهذه المواقف واللقاءات، يوجّه الرئيس عون رسالة واضحة بأن معركة الإصلاح لن تتوقف، وأن بناء لبنان الجديد يتطلب إرادة صلبة وتكاتفًا وطنيًا يعبر فوق الانقسامات نحو دولة القانون والعدالة.