عندما تكون نسبة الاقتراع قد بلغت ٤٩،٣٣% في محافظة عكار، فلا يمكن اعتبارها الا مؤشرا الى حجم الاقبال والحماسة الشعبية في الانتخابات البلدية والاختيارية التي شكلت في عكار فرصة للتيارات والقوى والاحزاب لامتحان احجامها وقواعدها الشعبية، وبروفة انتخابية قبل سنة من موعد الاستحقاق الانتخابي النيابي.

جاءت نتائج البلديات الكبرى لتؤشر الى حجم هذه التيارات والقوى السياسية، حيث كانت لها بصمات سواء في الائتلاف والتزكية، او في تشكيل اللوائح المتنافسة، اضافة الى ان هذا الاستحقاق كان في بلديات اخرى مناسبة للمحاسبة والتغيير.

قراءة النتائج في عكار تفضي الى عدة ملاحظات ابرزها:

اولا، ان التيار الوطني الحر اثبت حضوره في البلدات والقرى ذات الغالبية المسيحية مثل بلدة رحبة التي زارها رئيس التيار نهار الانتخابات، والقبيات، وعندقت، وجديدة الجومة. وبينو، وشدرا.

ثانيا، ان تحالفا نسج بين التيار والحزب القومي في بعض البلدات نجح ايضا في فوز بلديات عديدة .

ثالثا، ان الحضور الشعبي للحزب القومي بجناحيه في عكار لا يزال وازنا وفاعلا، حسب نتائج بلديات رحبة وعدبل والحصنية وجديدة القيطع، والحاكور، ومجدلا.

رابعا، اضطرار القوات اللبنانية الى عقد تحالفات آنية في القبيات وعندقت، في حين فازت ببلدة ممنع وفي بيت ملات متحالفة مع الكتائب.

خامسا، ان الجماعة الاسلامية شكلت رافعة بالتعاون مع عائلات كبرى للائحة نبض ببنين وخاضت معركة طاحنة لاثبات وجودها.

على مستوى دور نواب المنطقة، فقد سجلت ملاحظات ابرزها:

اولا، تمكن نائبي وادي خالد محمد سليمان ومحمد يحيى بالتعاون مع وجهاء وشيوخ عشائر الوادي من انجاز لوائح توافقية وتزكية في مجمل البلديات التسع.

ثانيا، ان أم المعارك في بلدة فنيدق خاضها النائب وليد البعريني على انها معركته السياسية الشخصية، وفنيدق بلدته، كما هي بلدة مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا، ورغم ما شهدته البلدة من اشكاليات امنية تمكنت اللائحة المدعومة من البعريني الفوز بكاملها مع فوز المخاتير المدعومين منه.

ثالثا، بقية البلدات خاضت معارك طاحنة مثل حلبا عاصمة المحافظة التي شهدت اعنف معركة انتخابية بلدية في تاريخها انتهت بفوز الشاب عبدو احمد شريف الحلبي مع كامل اعضاء لائحته، الذين يمثلون مجمل عائلات حلبا بكل مكوناتها الاسلامية والمسيحية، وكانت معركة عائلية بامتياز لا يمكن احتسابها على طرف نيابي او حزبي.

وكان بارزا ايضا فوز لائحة انقاذ برقايل برئاسة المحامي عبد الرحمن الحسن مع كامل اعضاء اللائحة، وخاضت معركة حادة بقيت في اطار التنافس العائلي.

بلديات سهل عكار بعضها فاز بالتزكية كالمسعودية، وبعضها الآخر شهد تنافسا عائليا بعيدا عن الطابع السياسي او الحزبي.

وشهدت بلدات عديدة تغييرا في مجالسها البلدية للمرة الاولى منذ اكثر من ٢٥ عاما، كبلدية مار توما.

غياب تيار المستقبل عن المعارك الانتخابية اتاح المجال لمختلف القوى والتيارات السياسية ان تخوض معاركها بهامش اوسع، لا سيما ان ناشطي المستقبل غابوا تقريبا عن الفعل السياسي وإن كان البعض منهم قد شارك في بلدية هنا وبلدية هناك.