اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٥ كانون الأول ٢٠٢٥
أكّدت رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء هيام إسحق حرص المركز كما وزارة التربية، بإشراف الوزيرة ريما كرامي، على وضع خطة واضحة تستجيب لمتطلبات المرحلة. وأوضحت أنّه، وللمرة الأولى منذ سنوات الأزمات، تجري وزارة التربية دراسة وطنية شاملة لقياس الفاقد التعليمي لدى تلامذة التعليم الرسمي، بعدما كانت الدراسات السابقة التي أعدّها المركز التربوي محصورة بعينات وليست شاملة، مُضيفةً أن التعليم الخاص يمتلك القدرة على معالجة صعوباته ذاتيًا، فيما يبقى التعليم الرسمي مرتبطًا مباشرة بوزارة التربية، ما فرض ضرورة إجراء هذا التشخيص الشامل.
وأشارت إسحق إلى أن الفاقد التعليمي لا يقتصر على ضعف التحصيل، بل يظهر أيضًا في “التسرّب الداخلي”، أي جلوس التلميذ في الصف من دون أن يفهم أو يستوعب ما يتعلمه، إضافة إلى الصعوبات التي يواجهها التلامذة عند الانتقال إلى التعليم الجامعي نتيجة ضعف المهارات التأسيسية. لذلك تم تصميم الامتحان التشخيصي على أساس الكفايات الأساسية لكل صف من الصف الثاني حتى السادس، وفي مواد الرياضيات واللغات فقط، لكونها المداميك الأساسية في التعليم.
كما بيّنت أن المركز وضع إطارًا مرجعيًا واضحًا يحدّد الكفايات التأسيسية المطلوبة، وتم تقسيم كل كفاية إلى ثلاثة مستويات تسمح بتحديد مكان كل تلميذ بدقة، إذ أُعدّت مخططات تفصيلية بالإضافة إلى اعتماد “بلو برنت” للامتحانات، ودُرّب الأساتذة عبر ورش عمل، وأُرسلت إليهم أدلّة تساعدهم على قراءة نتائج كل تلميذ وكيفية وضع خطة تدخّل مناسبة له. وكانت النتيجة أن أصبح لكل تلميذ في التعليم الرسمي ملف دقيق يوضح مستوى فاقده التعليمي، ولكل مدرسة صورة كاملة عن وضع تلامذتها، ولكل أستاذ متابعة فردية واضحة.
وعلّقت إسحق على الفروقات بين المدارس الرسمية، معتبرةً أن التفاوتات طبيعية في ظل اختلاف الإدارة ونشاط الأساتذة وتجهيزات المدارس والظروف التقنية والدعم المحلي. وأضافت أنه بالرغم من ذلك، فإن نسبة الاستجابة للامتحان بلغت 96% في المدارس الرسمية، وهي نسبة مرتفعة تعكس جدية العمل ودقة نتائجه.
وفي ما يخص التكنولوجيا، شدّدت رئيسة المركز التربوي على أنّ دمجها الحقيقي سيكون أساسًا في المناهج الجديدة، فيما كانت الحاجة التقنية في الامتحان التشخيصي الحالي بسيطة ومقتصرة على المنصة الرقمية لإدخال النتائج. وأوضحت أن المناهج المقبلة ستعتمد على الاختبارات الوطنية الدورية في نهاية كل مرحلة تعليمية، كي تتمكن الدولة من تقييم مستوى التعلّم باستمرار، وتعديل ما يلزم وفق معطيات واضحة.وعلى صعيد المناهج، رفضت البروفيسورة إسحاق وصف المناهج القديمة بالضعيفة، معتبرةً أنها كانت متقدمة في زمنها وأسهمت في رفع مستوى التعليم في لبنان، لكنها اليوم تحتاج إلى تطوير شامل لمواكبة تطور العلوم والتكنولوجيا على مدى أكثر من سبعة وعشرين عامًا، مؤكّدةً أن التغيير لا يعني إلغاء ما سبق، بل البناء عليه وتحديثه بما يلائم العصر.
من جهةٍ أخرى، أوضحت رئيسة المركز التربوي أنّ الرقمنة مثال أساسي: اليوم يعرف التلامذة الكثير في هذا المجال، وأحيانًا يتفوّقون على الكبار.وتضيف أنّ الفاقد التعليمي مهم طبعًا، ولذلك يجري العمل عليه، لكن في الوقت نفسه، تمتلك الأجيال الحالية قدرات وكفايات متقدمة يجب احتضانها ووضعها في الإطار الصحيح لضمان تطورها.
كما أعربت عن تفاؤلها بالمرحلة المقبلة، مؤكدة أنّ التلامذة سيكونون سعداء بالتغيير، لأنّ التجارب التي وردت من الميدان تشير إلى ذلك. وشرحت أنّ فريق العمل في المركز التربوي ليس فريقًا سقط من «المظلّة»، بل يضمّ أشخاصًا منخرطين أصلًا في التعليم الرسمي والخاص، مطّلعين على الواقع ويعلمون أنّ مقاربة الكفايات تجعل الطالب أكثر تحفّزًا، وتُشعره بالفرح والمتعة أثناء اكتساب المعرفة والعمل مع رفاقه.
وعن كتاب التاريخ، قالت انّ هذا الملف دائمًا ما يثير الجدل في لبنان، فأوضحت أنّه من المفترض ألا يختلف بين المدارس، لأنّ الدستور ينصّ على وجود منهج تاريخ موحّد للجميع، والمركز التربوي هو الجهة الوحيدة المخوّلة وضعه. لكنّ المشكلة تكمن في أنّ كتاب التاريخ لم يُطبع منذ عام 1968، ولذلك لا يمكن تقييد المدارس ومنعها من التدريس؛ بل يجب أن يمرّ أي كتاب يُعَدّ على المركز للمصادقة، للتأكد من مطابقته للمنهج.في سياقٍ متّصل، أوضحت الدكتورة هيام إسحق أنّ إعداد المنهج التربوي اللبناني الجديد استند إلى دراسة معمّقة لمجموعة واسعة من المناهج الدولية، من الأسترالي والكندي والفرنسي والبريطاني، إلى الـ IB وغيرها. وقد عمل الفريق التربوي على تحليل كيفية مقاربة هذه المناهج للمواد والاختصاصات، ثم اختيار ما ينسجم مع الواقع اللبناني ويمكن تطبيقه في المدارس دون أن يخلق تحديات إضافية. ولتحقيق ذلك، جرت استشارات موسّعة مع مديري المدارس، ومع ممثلين عن الجامعات، للوصول إلى صيغة متوازنة تراعي المعايير الدولية وتحافظ في الوقت نفسه على خصوصية النظام التربوي المحلي. وقد صدرت ملاحظات عن المدارس الخاصة وحتى الرسمية اعتبرت أنّ هذا الانفتاح الواسع قد يصعّب التطبيق ويزيد الضغط الإداري واللوجستي داخل المؤسسات. ولذلك، جرى تعديل التصور الأولي وحصر الاختصاصات بستة مجالات أساسية.
واستطردت حديثها معتبرةً أنّ المنهج الجديد أدخل اختصاصات حديثة تعكس تطوّر ميول التلامذة وحاجات السوق، فإلى جانب مسارات علوم الحياة والعلوم العامة والآداب والاقتصاد والاجتماع، جرى إدراج مسار الفنون، إضافة إلى مسار التكنولوجيا الحديثة، استجابة لواقع جيل باتت اهتماماته تتجه نحو الحقول الإبداعية والرقمية. وبذلك، يسعى المنهج إلى توفير بيئة تربوية تعطي الطلاب خيارات واقعية ومناسبة، وتنسجم مع قدراتهم وطموحاتهم، وتستند في الوقت نفسه إلى رؤية عالمية تراعي خصوصية التعليم في لبنان.











































































