أكد الدكتور أحمد الفرا، مدير مبنى الأطفال والولادة في مجمع ناصر الطبي، أن قطاع غزة يعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه، نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر، الذي تسبب في شلل كامل للقطاع، ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود منذ ما يقارب شهرين.

وقال الدكتور الفرا في مقابلة مع 'فلسطين أون لاين' أمس: 'يعتمد قطاع غزة بشكل كامل على المساعدات الخارجية، والتي انقطعت تمامًا، وقد استُنفدت جميع المواد الغذائية، وتم تحييد الأراضي الزراعية، ما أدى إلى اختفاء الخضراوات التي كانت تشكل بارقة الأمل الوحيدة للحد من المجاعة'.

وأضاف: 'نعيش كارثة إنسانية بكل المقاييس، وحتى المعلّبات نفدت، وبتنا نواجه شكلاً صارخًا من المجاعة الشديدة. ووفقًا لتصنيفات المنظمات الدولية، دخل قطاع غزة المرحلة الخامسة من المجاعة، وهي المرحلة الأشد خطورة، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، سنشهد ارتفاعًا مهولًا في عدد الوفيات'.

وأشار إلى أن نحو 600 ألف طفل مهددون بالموت جوعًا، إضافة إلى 2.3 مليون نسمة يواجهون المصير ذاته.

وقال: 'الحليب غير متوفر، لا سيّما الحليب الخاص بالأطفال الذين يعانون من حالات صحية دقيقة، ويولد الكثير من الأطفال بوزن منخفض جدًا – حوالي 1.5 كيلوغرام – مما ينذر بمضاعفات خطيرة في التنفس والنمو، وقد يؤدي إلى وفاة العديد منهم'.

وأوضح أن عدد الشهداء في قطاع غزة تجاوز 51 ألفًا، في حين تشير تقارير منظمات دولية إلى أن العدد الفعلي للضحايا غير المباشرين قد يكون ضعف هذا الرقم، نتيجة أمراض مثل السرطان، وسوء التغذية، وغياب الرعاية الصحية الأساسية.

وتابع: 'لدينا ما يقرب من 500 طفل بحاجة إلى حليب خاص، وهو أمر ضروري لمنع الإصابة بالتشنجات، والتخلف العقلي، والوفاة. وهؤلاء الأطفال يُحكم عليهم بالإعدام البطيء بسبب انعدام هذا النوع من الحليب'.

كما حذّر من أن الاستهداف غير المباشر – بالمجاعة والحرمان من الماء والغذاء والرعاية – هو أكثر فتكًا من القصف المباشر، لأنه 'يؤدي إلى موت بطيء مؤلم'.

وأردف بالقول: 'حتى النساء الحوامل لا يحصلن على الغذاء الكافي، ما يهدد جيلًا كاملًا بنقص التركيز والقدرات الإدراكية والعقلية، خاصة أن السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل هي الأهم في تشكيل الدماغ والنمو العقلي'.

وختم الدكتور الفرا حديثه بالقول: 'ما تقوم به دولة الاحتلال اليوم هو محاولة منهجية لتدمير الشعب الفلسطيني، ليس فقط بالقتل المباشر، بل أيضًا بخلق جيل يعاني من الفقر الغذائي والمعرفي والصحي، مما سيؤدي إلى تخلف طويل الأمد في المجتمع الفلسطيني'.