بيت لحم 2000 -حذّرت محافظة القدس من خطورة المشروع الإسرائيلي الجديد الهادف إلى إقامة مكب نفايات ضخم في محيط المدينة المقدسة، معتبرةً أن هذا المشروع يمثل كارثة بيئية وصحية وسياسية، تهدف بالدرجة الأولى إلى تهجير السكان الفلسطينيين قسرًا من أراضيهم ومنازلهم، ضمن سياسة ممنهجة لطمس الوجود الفلسطيني في القدس.

وقال مدير دائرة الإعلام في محافظة القدس عمر الرجوب في حديث خلال برنامج 'جولة الظهيرة' مع الزميلة سارة رزق، الذي يبث عبر أثير راديو 'بيت لحم 2000': بيت لحم 2000، إن المحافظة تتابع عن كثب كافة الانتهاكات الإسرائيلية التي تستهدف المدينة وسكانها، بما يشمل أوامر الإخلاء، وعمليات الهدم، ومشاريع البنية التحتية الاستيطانية التي تندرج ضمن خطة الاحتلال لإعادة تشكيل المشهد الجغرافي والديمغرافي في القدس.

وأوضح الرجوب أن المحافظة تقوم بتوثيق وتحليل كل انتهاك من هذه الانتهاكات، وتتابع مباشرةً مع المتضررين من المواطنين، حيث تقدم لهم الإسناد القانوني والمشورة عبر طاقم المحامين المختصين، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تأتي في ظل ما وصفه بـ'محاكم احتلالية تشرّع القوانين العنصرية لخدمة المشروع الاستيطاني'.

وأكد أن سلطات الاحتلال تستخدم الأدوات القانونية كوسيلة قمع، لكنها لن تمنع المقدسيين من تقديم الالتماسات والاعتراضات القانونية، مضيفًا:

'نحن سندعم أهلنا في كل إجراء قانوني ممكن للدفاع عن حقوقهم وثباتهم في المدينة.'

كارثة بيئية وصحية تهدد حياة المواطنين

وفي تقييمه للمخاطر البيئية للمشروع، أوضح الرجوب أن عشرات الدونمات من الأراضي الفلسطينية سيتم تحويلها إلى مكب للنفايات الخطيرة، موضحًا أن المخلفات تشمل نفايات طبية، مذيبات كيميائية، زيوت مستعملة، معادن ثقيلة، بطاريات، ونفايات إلكترونية.

وأشار إلى أن هذه المواد ستؤدي إلى تلوث خطير للمياه الجوفية والهواء والتربة، الأمر الذي سينعكس على الصحة العامة، متسببًا بارتفاع معدلات الأمراض التنفسية والقلبية والسرطانية، فضلًا عن تدمير البيئة الزراعية والثروة الحيوانية والنباتية في المنطقة.

وقال الرجوب إن المشروع لا يقتصر على أبعاده البيئية فقط، بل يمثل تهديدًا سياسيًا مباشرًا، إذ يهدف الاحتلال من خلاله إلى دفع السكان الفلسطينيين للرحيل عن مناطقهم نتيجة الأضرار البيئية والصحية التي ستنجم عنه، مضيفًا:

'من يستطيع أن يعيش بجانب مكب نفايات خطير كهذا؟ إنهم يريدون خلق واقع جديد يجبر الناس على المغادرة دون أن يُقال إنهم هجّروهم بالقوة.'

رسالة صمود للمقدسيين ودعوة للإعلام الوطني

ووجّه الرجوب تحية تقدير لأهالي القدس الذين 'يبذلون الغالي والنفيس ليبقوا في أرضهم متجذرين وصامدين'، مؤكدًا أن محافظة القدس التي طوّقها جدار الضم والتوسع العنصري تتعرض يوميًا لمحاولات تهويد مستمرة عبر سياسات المصادرة والهدم والتضييق الإداري والمعيشي.

وقال إن الاحتلال الإسرائيلي وأذرعه المختلفة 'لا تألو جهدًا في تضييق الخناق على المقدسيين لإجبارهم على الرحيل'، مشيرًا إلى أن كل هذه الإجراءات تُقابل بإصرار مقدسي على الصمود، تجسيدًا لوصية الحاج أمين الحسيني حين قال: 'اشترِ زمناً في القدس.'

وفي ختام حديثه، وجّه الرجوب رسالة شكر إلى وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، وعلى رأسها إذاعة بيت لحم 2000، لدورها في فضح جرائم الاحتلال وكشف زيف روايته أمام العالم، قائلاً:

'أنتم شركاؤنا في المعركة الإعلامية، فبجهودكم نحافظ على الرواية الفلسطينية ونكشف الأهداف الخفية لكل الممارسات الاحتلالية التي يحاول الاحتلال تجميلها أمام العالم بادعاءات الديمقراطية والمساواة.'

الاحتلال يواصل عمليات الإخلاء في سلوان

وفي سياق متصل، أشار الرجوب إلى التصعيد الإسرائيلي الأخير في حي بطن الهوى ببلدة سلوان، حيث اقتحمت قوات الاحتلال، الأحد الماضي، الحي في ساعات الصباح الباكر، برفقة مئات الجنود والكلاب البوليسية وشاحنات النقل، وقامت بمحاصرة الحي وإخلاء ثلاث عائلات فلسطينية من منازلها تعود لعائلات إشويطي وجمعة عودة وآخرين.

وأوضح أن قوات الاحتلال أفرغت محتويات المنازل وصادرتها، قبل أن تسلّم الأهالي غرامات مالية بدل عملية الإخلاء القسري، مشيرًا إلى أن مستوطنين من جمعية “عطيرت كوهانيم” اقتحموا المنازل لاحقًا ورفعوا عليها أعلام الاحتلال الإسرائيلي.

وبيّن الرجوب أن الاحتلال يبرر هذه الإخلاءات بادعاءات 'ملكية قديمة لليهود اليمنيين منذ عام 1885'، بينما يملك السكان الفلسطينيون أوراق ملكية رسمية تؤكد حقهم في الأرض والمنازل. وأكد أن هذه الادعاءات باطلة قانونيًا وفق القانون الدولي، الذي اعتبر تصرفات الاحتلال عنصرية ومخالفة للشرعية الدولية.

واختتم الرجوب تصريحه بالتأكيد على أن محافظة القدس، بالتعاون مع مؤسساتها القانونية والإعلامية، ستواصل العمل على فضح هذه السياسات الاستيطانية، ودعم صمود المقدسيين في وجه 'مشاريع التهجير والتطهير الصامت' التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي.

المزيد من التفاصيل في المقطع الصوتي أدناه: