اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢٣ أيار ٢٠٢٥
يطيب لبعضهم أحيانًا أن يتحدثوا جهرًا عن إسقاط عُرفٍ معيّن عند مفترقات الطرق، من دون وجه حق، وبصورة اعتباطية.يفعلون ذلك بتبسيط مُخِلّ، فيُسقِطون عمدًا المرتكزات، ويضربون عرض الحائط أبسط الأسباب التي قامت عليها الأعراف في جوهرها وأصولها.أتحدث هنا عن العُرف الذي توافق عليه أهل الكورة الخضراء منذ تأسيس اتحاد بلديات القضاء قبل أكثر من عشرين عامًا، وقد فعلوا ذلك بكِبَر، بترفّع، بجبين عالٍ، وبأيادٍ مفتوحة على التعاون والتشارك.جعلوا من المذهبية تفصيلًا هامشيًّا أمام فرادة ما اجتمعوا عليه، حين توافقَت مرجعيات المنطقة على تعدّدهم ورؤساء البلديات الأرثوذكس - وهم الغالبية - على انتخاب واحد من زملائهم من الطائفة المارونية لرئاسة الاتحاد، وذلك تثبيتًا لأفضل سُبل إدارة التنوّع وتعزيز أواصر المشاركة في الشؤون العامة، إذ لا تمثيل للموارنة في الندوة البرلمانية. فحصدوا جميعًا مناخًا من التآخي، وجوًّا من الإنماء الصافي، وخدمةً مجرّدةً من روافد التعصّب الضيّق أو الإيقاعات المصلحية.العُرف، بالمناسبة، هو مجموعة من القواعد والمفاهيم والمعايير، غير المدوّنة، التي لم يفرضها التشريع، لكنّ الناس اعتادوا عليها وألفوها، حتى أصبحت مقبولة ومُتّبعة. وهذا تمامًا ما حصل في موضوع رئاسة اتحاد بلديات قضاء الكورة.والعُرف هو ما استقر في النفوس، وتلقّته الطباع السليمة بالقبول والاستئناس قولًا وفعلًا، شرط ألّا يعارض نصًّا أو إجماعًا سابقًا، وأن يتكرر في حدود واضحة ومناسبات ثابتة.وهذا، بالتحديد، أحد وجوه تميّز قضاء العلم والثقافة، وما تفرد به أهله من سعة أفق وإبداعات لا تُحصى ولا تُعد، في نواحٍ مختلفة، وأيضًا في مناسبة واضحة وثابتة، وهي رئاسة اتحاد البلديات.العُرف هو أيضًا من مصادر القانون. لا يتكوّن بفعل موقف خاص أو رغبة فردية، بل ينبثق من ممارسة عامة متواترة، تجري بثبات واستقرار، في إطار قاعدة عامة ومجردة، لا تُخالف النظام العام ولا أي نصٍّ تشريعيّ قائم. وهذا ما شهد عليه اتحاد بلديات الكورة منذ نشأته.مخجلٌ أن يُسقط هذا العُرف - إن حصل. مخجل بحق القضاء، وبحق البلديات، وبحق أهل الكورة، وبحق كل نوّاب المنطقة والفعاليات والمسؤولين، روحيين كانوا أم زمنيين.