خاص الهديل..

قهرمان مصطفى ..

يُشكّل رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا منعطفا سياسيا واقتصاديا بارزا في مسار الدولة السورية بعد سنوات طويلة من العزلة والتقييد؛ ومن المتوقع أن تتوالى انعكاسات هذا القرار تدريجيا على مختلف الأصعدة، سواء على المدى القريب أو في الأفق البعيد، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

فعلى الصعيد الاقتصادي، يُتوقع أن يشهد المشهد السوري انتعاشا تدريجيا في العلاقات التجارية والمالية مع العالم الخارجي، لا سيّما مع دول الجوار والمنطقة؛ وستفتح هذه الخطوة الباب أمام تحرير الأموال السورية المجمدة في الخارج، وعودة الشركات الأجنبية إلى العمل داخل سوريا، مما يعني زيادة في حجم الاستثمار، وتنشيط عجلة الإنتاج، وخلق فرص عمل جديدة، ما سينعكس بدوره على مستوى دخل الأفراد ويحسن من جودة الحياة المعيشية.

وقد بدأت أولى مؤشرات هذا التحوّل بالظهور فعلاً، حيث سجّلت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً في غضون ساعات قليلة من إعلان القرار، إذ استعادت ما يزيد عن 20% من قيمتها السوقية، مع توقّعات باستمرار هذا التحسن نتيجة التدفّق المرتقب للعملات الأجنبية، وخاصةً الدولار، إلى السوق السورية والمصرف المركزي.

أمّا ملف إعادة الإعمار، والذي كان معطّلاً لسنوات، فقد بات على طاولة التنفيذ؛ فمن المنتظر أن تبدأ خلال الفترة المقبلة شركات دولية بدخول السوق السورية، مستهدفةً قطاعات حيوية مثل العقارات والطاقة والنقل والتعليم وغيرها، مما يفتح المجال أمام عملية نهوض اقتصادي شاملة.

سياسيا، يحمل القرار دلالات واضحة على تغيّر في الموقف الأمريكي تجاه الحكومة السورية، إذ يمكن اعتباره بمثابة اعتراف ضمني بشرعيتها، ويفتح الباب أمام احتمالات إعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين. كذلك، من غير المستبعد أن يحذو الاتحاد الأوروبي حذو واشنطن في رفع العقوبات بشكل كامل، تمهيدا لعودة العلاقات السياسية والاقتصادية بين سوريا والدول الأوروبية.

وبالتالي فالاستفادة الكاملة من هذه الفرصة يتطلّب تحرّكا فعّالا من الدولة السورية باتجاه تطوير مناخ الاستثمار الداخلي، عبر تحديث القوانين الاقتصادية، وتقديم تسهيلات تشريعية ومالية، كالإعفاءات الضريبية، وتبسيط إجراءات تأسيس الأعمال، لجذب رؤوس الأموال والمستثمرين إلى الداخل السوري.