كشف تحقيق مشترك نشرته منصة 'دانواتش' الدنماركية و'دير شبيغل' الألمانية الأربعاء عن أكثر من مليوني وثيقة في قاعدة بيانات عامة تسلط الضوء على الأعمال التي تقوم بها روسيا لتحديث منشآتها النووية الحساسة للغاية.

وتكشف الوثائق عن مخططات تفصيلية لقواعد صاروخية استراتيجية قرب مدينة ياسني في منطقة أورينبورغ، حيث توجد مركبة 'أفانغارد' الانزلاقية الأسرع من الصوت، وهي من أكثر أنظمة الإطلاق النووي تطورا في الترسانة الروسية.

وقال هانز م. كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، لمنصتي 'دانواتش' و'دير شبيغل': 'كنا حتى الآن نكتفي بمراقبة هذه القواعد من الأعلى عبر صور الأقمار الصناعية، أما اليوم، وبفضل هذه الوثائق، أصبح بإمكاننا ولأول مرة الاطلاع على ما بداخل المباني وحتى المنشآت الواقعة تحت الأرض. هذا أمر غير مسبوق تماما'.

ووفقا لتحقيق 'دانواتش' و'دير شبيغل'، تُظهر الوثائق كيف تم خلال العقد الأخير هدم وإعادة بناء العديد من المنشآت النووية مع تحديث بنيتها التحتية بشكل واسع، بما في ذلك إنشاء مئات الثكنات الجديدة، ومراكز القيادة، وأبراج المراقبة، وأنفاق تحت الأرض تربط بين مباني القواعد.

وتتضمن المواد المسرّبة أيضا مخططات إنشائية، ورسومات تفصيلية لأنظمة الأمن، إلى جانب تفاصيل خاصة باللافتات الداخلية داخل هذه المنشآت.

وقال فيليب إنغرام، العقيد السابق في جهاز الاستخبارات بالجيش البريطاني، إن 'مواد كهذه تُعد كنزا استخباراتيا من الطراز الأول'، مضيفا: 'إذا تمكنت من فهم كيفية توصيل الكهرباء أو مصدر المياه، وكيف ترتبط الأنظمة ببعضها البعض، يمكنك حينها تحديد نقاط القوة والضعف والعثور على ثغرة يمكن استهدافها'.

من جانبه، اعتبر توم روسيث، المحاضر البارز في دراسات الاستخبارات بكلية القيادة والأركان التابعة للدفاع النرويجي، أن فهم حجم ومدى جهود روسيا لتحديث منشآتها النووية يصب في المصلحة العامة، خصوصا في ظل التهديدات النووية المتكررة التي يطلقها الكرملين منذ غزوه لأوكرانيا.

وقال روسيث: 'من المهم أن نمتلك تصورا دقيقا عن الوضع، لأن هناك كثيرين لا يدركون تماما أن أوروبا تمر بتحول جذري في سياساتها الأمنية'.

وذكر التقرير أنه رغم تشديد روسيا قواعد المشتريات العسكرية وإنشاء قاعدة بيانات مغلقة لا يمكن الوصول إليها إلا من قبل متعاقدين محليين معتمدين، واصل مسؤولو البناء العسكري إرفاق وثائق حساسة بإعلانات المشاريع المنشورة للعامة. وقد اكتشفت منصتا 'دانواتش' و'دير شبيغل' مخططات حساسة مرفقة بعطاءات حتى منتصف عام 2024.

ونظرا لضخامة التسريب، قد يُرغم الكرملين على إعادة التفكير في البنية الكاملة لقواعده النووية، ما قد يترتب عليه كلفة باهظة للغاية. لكن مستوى التفاصيل الواردة في الوثائق دق ناقوس الخطر، وفق ما أفادت به منصة 'دانواتش'، حيث حذر عدد من الخبراء من ثغرة أمنية روسية 'قد تجعل القواعد النووية الكبرى الجديدة عرضة لهجمات محتملة'. (mc-doualiya)