يشهد قطاع غزة كارثة بيئية وصحية متفاقمة بسبب تراكم النفايات في الشوارع وأماكن تجمع النازحين، وذلك نتيجة لانعدام الوقود اللازم لتشغيل سيارات البلدية (إن وجدت ونجت من القصف) المختصة بنقل النفايات إلى المكبات المؤقتة، بسبب إغلاق المعابر.

هذه الأزمة جعلت السكان والنازحين يعيشون بين أكوام القمامة، ما يهدد صحتهم وينذر بتفشي الأوبئة والأمراض.

وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قد حذّرت من أن تراكم النفايات في قطاع غزة يشكّل خطرًا مباشرًا على صحة السكان.

وأكدت الوكالة في بيان نُشر عبر منصة 'إكس' أن 'الكثير من الفلسطينيين في غزة يُجبرون على العيش في خيام وسط أكوام من النفايات، ما يعرّض حياتهم للخطر ويزيد من التحديات الصحية والبيئية'.

'مكب مفتوح للنفايات'

محمد حسونة (45 عامًا)، يعيش مع أسرته في منطقة الشاطئ الشمالي التي تحوّلت إلى أشبه بمكب مفتوح للنفايات. يقول: 'لم يعد هناك أي مكان لرمي القمامة، كل الحاويات امتلأت، وأصبحت الشوارع والمناطق المحيطة بها مكرهة صحية. لا يوجد من يرفع النفايات، ونحن مضطرون للعيش في هذا الوضع الكارثي الذي ينذر بانتشار الأمراض والأوبئة بين الأطفال وكبار السن'.

أما الحاج أبو سعيد بعلوشة، الذي يقطن بالقرب من أحد مراكز الإيواء في خيمة نصبها، فيعبّر عن مخاوفه قائلًا: 'خيمتي أصبحت ملتصقة بأكوام النفايات، والروائح الكريهة لا تُطاق. الذباب والحشرات منتشرة بكثرة، ولا توجد سيارات بلدية تأتي لنقل النفايات. أخشى على أطفالي من الإصابة بالأمراض، خاصة مع عدم توفر مياه نظيفة أو أي مستلزمات صحية تساعدنا في تقليل الخطر'.

وطالب الحاج العالم بالضغط على الاحتلال لفك الحصار عن غزة، وإدخال ما يلزم لمنع تفاقم هذه الأزمة.

'النفايات في كل مكان'

أما أحمد أبو كلوب، الذي نزح مع أسرته من منزله المدمر، فيروي معاناته المستمرة مع تراكم النفايات: 'اضطررت لنقل خيمتي عدة مرات، كلما تراكمت النفايات وازدادت الروائح والذباب، كنت أبحث عن مكان آخر. لكن المشكلة أن النفايات موجودة في كل مكان، وليس هناك أي حل. نعيش في وضع مأساوي بين القمامة والروائح الكريهة، وأجسادنا بدأت تشعر بالتعب من الأمراض الجلدية والتهابات الجهاز التنفسي التي بدأت تنتشر بين الأطفال'.

الوضع في غزة لا يقتصر على الروائح الكريهة والمناظر غير الصحية، بل يتعداه ليشكّل تهديدًا خطيرًا على صحة السكان، خاصة مع احتمال تفشي أمراض مثل الكوليرا، والتيفوئيد، والتهابات الجهاز التنفسي بسبب التلوث البيئي. كما أن القوارض والحشرات الناقلة للأمراض انتشرت بشكل غير مسبوق في مناطق تجمع النفايات، مما يزيد من خطورة الوضع.

مطالبات عاجلة بالتدخل

وفي ظل هذا الوضع المتدهور، يطالب سكان غزة والمنظمات الإنسانية بتدخل عاجل لتوفير الوقود اللازم لتشغيل سيارات البلدية، وضمان إفراغ مكبات النفايات بانتظام. كما يناشدون المجتمع الدولي تقديم الدعم اللازم في مجال الصحة والنظافة، قبل أن تتحول الأزمة إلى وباء يصعب احتواؤه.

بدوره، أكد المتحدث باسم بلدية غزة، عاصم النبيه، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل منع طواقم البلدية من نقل النفايات إلى المكب الرئيسي شرق المدينة، مما أدى إلى تراكم أكثر من 175 ألف طن من النفايات في مختلف أنحاء غزة.

وأوضح النبيه، في تصريحات صحفية، أن طواقم البلدية باتت مضطرة إلى جمع النفايات في مكبات مؤقتة وعشوائية داخل الأحياء السكنية، في ظل غياب القدرة على نقلها إلى مواقع مناسبة، وهو ما يشكّل تهديدًا بيئيًا وصحيًا متزايدًا.

وأشار إلى أن الوضع يزداد سوءًا بالنسبة للنازحين، الذين اضطروا للعيش بالقرب من هذه المكبات، ما يجعلهم عرضة للأمراض والأوبئة نتيجة التلوث والروائح الكريهة، محذرًا من كارثة صحية وبيئية وشيكة إذا لم يتم إيجاد حل عاجل.

وطالب النبيه بالسماح بدخول المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة النفايات المتراكمة ونقلها إلى أماكن آمنة، مشددًا على ضرورة اتخاذ خطوات فورية للحد من المخاطر الناجمة عن هذه الأزمة.

وبحسب بيانات بلدية غزة، فإن العدوان الإسرائيلي تسبب في تدمير 132 آلية تابعة للبلدية، ما يمثل 85% من إجمالي أسطولها، الأمر الذي زاد من تعقيد جهود جمع النفايات وإدارتها في ظل الظروف الراهنة.