شهدت أسواق الذهب في الهند إقبالًا كثيفًا من المواطنين قبل حلول مهرجان ديوالي، خاصة في مناطق مثل لاجبات ناغار بالعاصمة دلهي، حيث فتحت المحال أبوابها حتى في العطلات واصطف الزبائن في الشوارع المزدحمة. ورغم ارتفاع أسعار الذهب إلى أكثر من 1,440 دولارًا لكل 10 جرامات، لا يزال الهنود محافظين على عادة شراء الذهب، معتبرين أن ديوالي واحتفال دهنترس مناسبتان محظوظتان لتعزيز الثروة والحظ.

وتشير التقارير إلى أن ارتفاع الأسعار بنسبة 60% للذهب و70% للفضة دفع المشترين لتقليل الكمية المشتراة، مع توجه بعض صائغي الذهب لتصميم قطع خفيفة ومرئية بشكل أكبر، مثل العملات الذهبية الصغيرة التي تبدأ من 250 مليغرام وحتى 25 مليغرام، لتلبية احتياجات الزبائن ذوي الميزانيات المحدودة.

كما لوحظ تحول واضح في سلوك المستهلكين نحو شراء الذهب للاستثمار أكثر من الاستخدام الزخرفي، وهو ما أكده مجلس الذهب العالمي الذي أشار إلى زيادة نسبة الذهب المستثمر من 19% في 2023 إلى 35% في الربع الثاني من 2025، بينما انخفضت حصة المجوهرات من 80% إلى 64% خلال نفس الفترة.

ويأتي هذا التوجه أيضًا نتيجة لتنامي الاستثمار في الصناديق المتداولة (ETFs) والذهب الرقمي، حيث سجلت التدفقات المالية قيماً قياسية في سبتمبر الماضي، فيما ارتفعت أصول الصناديق المتداولة بأكثر من 70% هذا العام.

إضافة إلى ذلك، يلعب بنك الاحتياطي الهندي دورًا مهمًا في دعم الطلب على الذهب عالميًا، حيث زادت نسبة الذهب ضمن احتياطياته الأجنبية من 9% إلى 14% في 2025، في إطار جهود التنويع وتقليل الاعتماد على الدولار وتحقيق الاستقرار خلال الضغوط الجيوسياسية.

ومن جانب آخر، يشير تجار الذهب إلى أن المشترين الشباب يفضلون هذا الموسم شراء قطع خفيفة يمكن ارتداؤها يوميًا، بدلًا من المجوهرات الثقيلة المخصصة للمناسبات الخاصة، بما يعكس تغييرًا في أنماط الاستهلاك والثقافة الاجتماعية.

وبالرغم من ارتفاع الأسعار، يتوقع الخبراء أن يستمر الطلب على الذهب والفضة خلال موسم ديوالي وحفلات الزفاف، خاصة بين الطبقات الميسورة، بينما قد تتراجع الكميات المشتراة من قبل العائلات ذات الدخل المحدود.

وتؤكد البيانات أن العائلات الهندية تمتلك ما يعادل 3.8 تريليون دولار من الذهب، ما يمثل نحو 88.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمنح المواطنين ثروة طويلة الأمد ويعزز رغبتهم في الاحتفاظ بالذهب رغم ارتفاع الأسعار.

ويرى الاقتصاديون أن الطلب على الذهب سيستمر، مدفوعًا بالثقافة والتقاليد الهندية التي تربط بين اقتناء المعدن الثمين والازدهار المالي، إضافة إلى تأثير تخفيضات الضرائب ورفع الدخل القابل للصرف.

وبشكل عام، فإن موسم ديوالي هذا العام يعكس مزيجًا من التحديات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، مقابل الإصرار الثقافي والاجتماعي على الاحتفاظ بعادة شراء الذهب، سواء للمجوهرات أو للاستثمار، مما يجعل السوق الهندية للذهب الأكثر ديناميكية وتنوعًا في العالم.