اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
بقدمين مصابتين بالاعوجاج، تمارس ليان رمضان (4 أعوام) حياتها بصعوبة في مكان نزوحها القسري بدير البلح، دون أن يتضح لها أي أفق للسفر للعلاج من إصابة تعرضت لها قبل عامين.
وفي 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، فقدت ليان والديها وأختها الوحيدة في مجزرة إسرائيلية جماعية بمخيم البريج وسط قطاع غزة، ونجت بمفردها لتعيش فصول المعاناة والإصابة.
ووفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي في 6 سبتمبر/أيلول، فإن أكثر من 5,200 طفل يحتاجون إجلاء طبيا عاجلا لإنقاذ حياتهم، ويمنعهم الاحتلال من السفر، على مدار عامين متتاليين.
صدمة كبيرة
تحتضن الخمسينية فاتن تمراز، جدة ليان لأمها، حفيدتها لتعوضها شيئا من الحنان الذي حرمت منه منذ فقد والديها، لكنها تدرك أن مرور الوقت دون سفر الطفلة للعلاج سيفاقم تداعيات إصابتها.
تلقي الفاجعة التي تعرضت لها ليان وأسرتها بثقلها على قلب فاتن، قائلة لـ 'فلسطين أون لاين': في رابع أيام حرب الإبادة الجماعية، استهدف الاحتلال مربعا سكنيا كاملا، من ضمنه منزلهم المكون من أربعة طوابق.
كانت ليان ووالداها وجداها لأبيها وعمتها واثنان من أعمامها في المنزل، واستشهدوا جميعا، بينما نجت ليان. 'استيقظنا على فاجعة وصدمة كبيرة'، تقول فاتن بنبرة تهتز بالحزن.
تستعيد شريط الأحداث، مضيفة: حدث ذلك عند الثالثة قبل الفجر، ووجد المسعفون ليان ملقاة في الشارع ومغطاة بالردم والركام، ذهبنا إليها وكان الغبار قد كساها بالسواد، لدرجة أننا لم نميز ما إذا كانت هي ليان أم أختها الكبرى.
تتنهد كأنما تطبق صخرة ثقيلة على أنفاسها، وتتابع: أخيرا، تمكنا من خلال التدقيق بملامحها من التعرف عليها وكانت هي الناجية الوحيدة، أما من تواجدوا معها في المنزل فقد استشهدوا جميعا، وانتشلوا من تحت الركام بعد أربعة أيام من وقوع القصف.
عن طبيعة إصابة ليان، توضح الجدة أنها أصيبت بكسور في كل أطرافها، وبشظايا في جميع أنحاء الجسد. وتعاني ليان من إعاقة في أذنها اليمنى منذ ولادتها.
خضعت ليان في غزة لإجراءات علاجية، لكن في ظل استهداف الاحتلال للمنشآت والطواقم الطبية، باتت فرص تعافيها تماما من الإصابة بعيدة المنال، إن لم تسافر للعلاج.
وفي الآونة الأخيرة، صعد الاحتلال عدوانه على محافظتي غزة وشمال القطاع، ما أدى إلى خروج مستشفيات عدة قسرا عن الخدمة، وفق بيان لوزارة الصحة في 27 سبتمبر/أيلول.
تقول جدة ليان: إن الأطباء في غزة قرروا تحويل ليان للعلاج منذ عامين، لكنها لا تزال تنتظر السفر دون جدوى، مبينة أنها بحاجة إلى تدخل طبي لتصحيح الاعوجاج في قدميها.
وتخشى فاتن من أن عدم تمكن ليان من السفر للعلاج، سيزيد آثار إصابتها سوءا، مشيرة إلى أن حفيدتها تسير ببطء بسبب اعوجاج قدميها.
أوجاع مضاعفة
تتشارك ليان هذه المعاناة مع آلاف المصابين والمرضى الذين يحرمهم الاحتلال من السفر للعلاج، ويضاعف أوجاعهم، بين واقع الإصابة والمرض وتهديد الحياة.
ومنذ بدئه حرب الإبادة الجماعية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ارتكب الاحتلال مجازر أدت إلى إصابة أكثر من 162,000 غزي، بينهم آلاف حالات البتر، والشلل، وفقدان البصر، كما استشهد وفقد 73,731 مواطن، بينهم أكثر من 20,000 طفل و12,500 امرأة، إضافة إلى إبادة 2,700 أسرة بالكامل من السجل المدني، بحسب معطيات رسمية.
ووفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي في 6 سبتمبر/أيلول، فإن أكثر من 22,000 مريض في غزة بحاجة للعلاج في الخارج، كما أن أكثر من 17,000 مريض أنهوا إجراءات التحويل وينتظرون سماح الاحتلال لهم بالسفر.
ويواجه 12,500 مريض سرطان خطر الموت في ظل حاجتهم للعلاج، كما يحتاج 3,000 مريض بأمراض مختلفة للعلاج في الخارج.
كما يرزح 350,000 مريض مزمن تحت الخطر بسبب منع الاحتلال إدخال الأدوية.
وفي مايو/أيار 2024، احتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الحدودي مع مصر. ويطبق الاحتلال حصاره على جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، بما يشمل منع تنقل الأفراد وتقييد إدخال البضائع والمساعدات الإنسانية.
تصف جدة ليان هذا الحصار والمنع من السفر للعلاج بأنه 'جريمة يشاهدها العالم على الهواء'، مضيفة أن الاحتلال يستهدف الفئات الهشة والأطفال بصورة مباشرة.
تنظر إلى ليان بعين الشفقة، متابعة: 'هذه حالة إنسانية، لكن الاحتلال مجرد من الإنسانية'.
أما ليان فتبدي فهما بدورها لسبب حرمانها من العلاج، قائلة: 'الاحتلال سكر المعبر... حسبي الله ونعم الوكيل'.
وستبقى ليان ومعها المصابون والمرضى الذين تستدعي حالاتهم العلاج خارج غزة، في دائرة من المعاناة والبؤس، ما دام الاحتلال يوصد الباب أمام حقوقهم الإنسانية.