باريس- معا- أصدرت محكمة فرنسية، اليوم الجمعة، حكما بحق الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بتهمة التآمر الجنائي في قضية تمويل حملته الرئاسية عام 2007 بأموال من ليبيا، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات.

ومن المقرر أن يمثل أمام المحكمة في 13 أكتوبر لمعرفة موعد دخوله السجن.

ويُعد هذا الحكم سابقة تاريخية في فرنسا، إذ يعكس تحرر القضاء تدريجيا من النفوذ السياسي، ويؤكد مبدأ المساواة الكاملة للمواطنين أمام القانون الذي أُعلن عنه عام 1789، لكنه ظل على مدى سنوات طويلة نظريا فقط.

وجاء الحكم بعد تحقيقات حول تحويل ملايين اليوروهات من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي لتمويل حملة ساركوزي الانتخابية، ما أثار غضب شريحة كبيرة من الطبقة السياسية الفرنسية.

وقد اعتبر بعض المنتقدين أن الحكم قاسٍ، لكن الوقائع تظهر خطورة الجريمة، التي شملت تنظيم تمويل سري لحملة انتخابية بأموال من نظام فاسد واستبدادي مقابل دعم ليبيا دوليا.

ويُشار إلى أن العقوبة تشمل أيضا غرامة مالية قدرها 100 ألف يورو، ومنعه من شغل أي منصب سياسي لمدة خمس سنوات، بالإضافة إلى السجن لمدة خمس سنوات مع أمر توقيف مؤجل، يفرض عليه بدء تنفيذ العقوبة حتى في حال الطعن بالحكم.

ويؤكد الخبراء القانونيون أن الحكم ليس قاسيا مقارنة بأقصى عقوبة تصل إلى عشر سنوات، وأنه يمثل خطوة مهمة نحو استقلال القضاء الفرنسي عن السلطات التنفيذية، وضمان تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، بما في ذلك المسؤولون المنتخبون.

وتعد هذه الخطوة جزءا من حركة قضائية بدأت منذ السبعينيات، شملت محاسبة كبار رجال الأعمال والسياسيين، وانتهت بمحاكمة رؤساء الجمهورية السابقين مثل جاك شيراك وساركوزي، ما يعكس تطور النظام القضائي الفرنسي نحو المساواة الحقيقية أمام القانون.

هذا الحكم يؤكد أن القضاء الفرنسي أصبح قادرا على محاسبة كبار المسؤولين السياسيين بنفس المعايير المطبقة على باقي المواطنين، مع الحفاظ على استقلاليته عن الضغوط السياسية.