في مشهد إنساني مأساوي يعكس قسوة الحصار، تتصدر وفيات الأطفال بسبب سوء التغذية المشهد في قطاع غزة، وسط انهيار كامل في المنظومة الصحية والغذائية، فأطفال غزة اليوم لا يموتون فقط جراء القصف، بل أيضًا بسبب نقص الغذاء والدواء، ما يضع الضمير الإنساني أمام كارثة لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً.

تؤكد تقارير طبية صادرة عن وزارة الصحة ومؤسسات إنسانية دولية، وفاة عشرات الأطفال خلال الأشهر الأخيرة بسبب سوء تغذية حاد، أغلبهم دون سن الخامسة. وتشير هذه التقارير إلى تسجيل حالات خطيرة تشمل “الهزال الشديد”، “ضعف النمو”، “نقص الحديد الحاد”، و”نقص الفيتامينات الحيوية” لدى مئات الأطفال النازحين.

ويُعزى ذلك إلى العدوان المستمر والإغلاق الكامل للمعابر، الذي حال دون دخول المساعدات الغذائية والطبية الحيوية. في ظل هذا الواقع، باتت العائلات غير قادرة على تأمين الحد الأدنى من الغذاء لأطفالها، بينما تُذرف أمهات الدموع في أروقة المستشفيات، وأطفال يفقدون وعيهم من شدة الجوع، دون وجود الحاضنات أو الأغذية العلاجية اللازمة.

وقد حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مرارًا من أن حياة آلاف الأطفال في غزة مهددة ما لم تدخل مساعدات عاجلة تشمل حليب الأطفال، أغذية طبية علاجية، ومكملات غذائية. إلا أن الشحنات الإنسانية ما تزال تُحتجز أو تصل بكميات لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية.

في غزة اليوم، لم يعد حلم الطفل لعبة أو مأوى آمن، بل أصبح الأمل الوحيد هو وجبة تسد رمقه. ومع استمرار هذه الأزمة، يرتفع عدد الضحايا الصغار، ما لم يتحرك المجتمع الدولي فورًا لوضع حد لهذه الإبادة البطيئة لأبرياء لم يرتكبوا سوى الذنب الوحيد: أنهم وُلدوا في غزة.