×



klyoum.com
palestine
فلسطين  ٤ كانون الأول ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
palestine
فلسطين  ٤ كانون الأول ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار فلسطين

»سياسة» فلسطين أون لاين»

سيمفونية الحجارة: حين تُروض غزة الركام لتعزف لحن البقاء

فلسطين أون لاين
times

نشر بتاريخ:  الخميس ٤ كانون الأول ٢٠٢٥ - ١٢:٢١

سيمفونية الحجارة: حين تروض غزة الركام لتعزف لحن البقاء

سيمفونية الحجارة: حين تُروض غزة الركام لتعزف لحن البقاء

اخبار فلسطين

موقع كل يوم -

فلسطين أون لاين


نشر بتاريخ:  ٤ كانون الأول ٢٠٢٥ 

لكل مدينة في هذا الكوكب طقوس استيقاظها؛ هدير محركات، أصوات باعة، تغاريد طيور تبشر بيوم جديد، إلا مدينتي غزة، فقد خُطَّ لها سيناريو صباحي مختلف. موسيقى صباحنا هنا تُعزف بأدوات الهدم والبناء؛ حيث يحل ضجيج إزاحة الردم وقرع المطارق على الجدران الآيلة للسقوط محل أناشيد الطبيعة. حتى المشي في الطرقات بات له وقعٌ موسيقي غريب تفرضه طبيعة الأرض المفروشة بالدمار؛ 'زيك.. زاك.. زك'، نغمات متنافرة تخرج من احتكاك الأحذية بالركام، لتعلن عن 'أوبرا' غزة اليومية. إنها ليست مجرد أصوات عشوائية، بل سيمفونية عذاب يعزفها الغزيون بمهارة، معلنين للعالم أنهم ليسوا مجرد أرقام في قوائم الضحايا، بل صُناع حياة تنبعث من العدم.

وإذا كان النهار مسرحاً لعزف الركام الصاخب، فالليل هنا هو فصلٌ من الصمت والحداد المطبق. ما إن يسدل المساء ستائره، حتى ترتدي غزة عباءة سواد حالكة تليق بفداحة الفقد. تغيب الكهرباء تماماً، وتتحول بقايا المباني الصامدة في العتمة إلى أشباح عملاقة؛ شواهد حجرية تروي قصة حربٍ تطارد الغزيين حتى في منامهم، وتجثو بثقلها على صدورهم. هنا، في غياب الأضواء التي تكسر وحشة الليل، تتحول المدينة إلى مقبرة مفتوحة من الهياكل الخرسانية، ويذوب مفهوم الزمن ليصبح 'حدثاً واحداً متصلاً'، حرباً ممتدة بلا نهاية.

في قلب هذا المشهد السريالي، وقفتُ ذات ليلة وسط سكون لا يخدشه إلا أزيز طائرات الاستطلاع ومحركات الموت التي تحوم في السماء. مسحتُ الأفق بنظرات يائسة، أبحث عن نقطة ضوء هاربة، نافذة مضاءة سهواً، أو مصباح شارع نجا بأعجوبة، لكن دون جدوى. كان السواد يبتلع كل شيء، وكان المشهد يصرخ بأن الحرب لم تغادرنا بعد.

كاد اليأس أن يطبق على صدري، وكادت دمعة حارقة أن تفر من عيني رثاءً لمدينتي الذبيحة، لولا شعاع ضوء شقَّ الظلام فجأة من بعيد. كانت شاحنة، تشق طريقها نحو الحي الذي أسكنه. بدد ضوء مصابيحها عتمة الشارع، ومنحني شعوراً عابراً بالأمان، لكن المفاجأة الحقيقية لم تكن في الضوء، بل في البشر الذين تحملهم.

كانوا عائدين.. عائدين إلى ركام منازلهم، ووجوههم تفيض ببشرٍ وسعادة أضاءت العتمة أكثر من كشافات الشاحنة. وصل إلى مسامعي هتافهم المختلط بالضحك: 'المهم الدار واقفة.. مش مشكلة الحيطان واقعة، كله بتعمر'. والأكثر ذهولاً، أنهم لحظة ملامسة أقدامهم للأرض، لم يتفقدوا الخسائر، بل خرّوا سجداً فوق الحجارة المتناثرة شكراً لله.

يا الله! أي نوع من التسليم هذا؟ وأي صبر ذاك الذي يلجم كل ألسنة المتفلسفين والمنظرين عن الصمود؟

سألتهم والدهشة تعقد لساني: 'تقولون الحمد لله والدار بلا جدران؟'.

جاء الرد ببساطة مذهلة: 'بنلفها شوادر'.

وإذا السقف متصدع؟'. قالوا: 'بننصب خيمة جوا الدار'.

'وإذا كانت آيلة للسقوط؟'. أجابوا: 'بنسكن فيها لحد ما نلاقي حل'.

وحين سألتهم عن الخطر واحتمال انهيارها فوق رؤوسهم، كان الجواب قاطعاً كحد السيف: 'هاد قدرنا.. أي شيء من ريحة البيت أرحم من لهيب الخيمة والذل فوق الرمل'.

هم لا يفرون من الموت، بل يختارون ترويضه. يعيدون تعريف 'المنزل'؛ فهو ليس جدران واسمنت، بل 'موقع' و'انتماء'.

تساءلت في صمت: في أي مدرسة تعلموا تحويل 'اللا مأوى' إلى سكن بالنايلون والخشب؟

الحقيقة أن أهل غزة، كما يقال، 'ما إلهم حل'. يبتكرون من رحم الكارثة طوق نجاة. لقد تحولوا بالفطرة إلى 'مهندسين'؛ يزيلون الردم بأيديهم العارية، ويهدمون الجدران الخطرة بأدوات بدائية وبحذر الجراحين. بل إن هذا الالتفاف على الموت خلق 'دورة اقتصادية' من العدم؛ تشكلت فرق عمل صغيرة متخصصة في 'إعادة تأهيل الدمار'، ينظفون، يركبون الشوادر، ويصنعون من الخشب المتناثر أبواباً ونوافذ، ليصبح البيت صالحاً للستر مقابل أجور زهيدة.

لقد حولوا الحرب ذاتها إلى فرصة للعمل، والدمار إلى مادة للبناء.

إنها باختصار ملحمة شعب يرفض الانقراض. شعب يرى في 'اللاشيء' كل شيء. إنها قصة إيمان راسخ بأن 'لولا لطف الله لتوقفت الحياة عند أول غارة'. فالحمد لله الذي ينزل السكينة على هذه القلوب، فيجعلهم يحيلون الركام بيوتاً، والظلام نوراً، ونغمات 'زيك.. زاك.. زك' إلى سيمفونية أبدية للبقاء.

موقع كل يومموقع كل يوم

أخر اخبار فلسطين:

خبير عسكريّ يمنيّ لـ "فلسطين": الاحتلال يحاول إعادة السَّيطرة الكاملة على غزَّة

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
6

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2226 days old | 365,316 Palestine News Articles | 984 Articles in Dec 2025 | 180 Articles Today | from 39 News Sources ~~ last update: 17 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


لايف ستايل