أينما تدير وجهك في شوارع غزة فترى في كل زاويةٍ ترى بقع مياه الصرف الصحي الملوثة، وأكوام من النفايات، ويزيد التلوث أثناء المنخفضات الجوية، يخلف انتشار الحشرات والأمراض والأوبئة تهدد حياة المواطنين.

وخلال حرب الإبادة الجماعية على غزة، انتشرت ظاهرة مكبات النفايات في كل مكان المكتظة بالسكان والنازحين إليها من شمال ومدينة القطاع، ومع عجز بلدية غزة على مواصلة العمل بسبب الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة.

تعاني الحاجة نسرين نويجع التي تعاني من نقص الأوكسجين من انتشار جبال من النفايات بجانب منزلها بالإضافة لمياه المجاري التي باتت تهدد حالتها الصحية.

تقول الستينية لـ'شبكة مصدر الإخبارية': 'رائحة النفايات تجعلني أفقد قدرتي على التنفس وانتقل إلى المستشفيات، نحن المواطنين الأكثر تضررًا بسبب عدم إزالة هذه النفايات من الشوارع'.

وتحكي: 'صرت أخاف على أحفادي من أن يصابوا بأمراض حساسية الصدر أو مشكلات صحية أخرى وكل يوم يشتكون من الروائح الكريهة، حتى باتوا لا يستطيعون الخروج إلى الشارع للعب مع أصدقائهم'.

وتأمل الحاجة نسرين بأن تقوم الجهات المختصة بمساعدة المواطنين لإزالة النفايات وتخصيص مكان آخر خالي من السكان لمكب هذه النفايات حتى لا يتضرر أحد منها.

تعيش مدينة كارثة حقيقية وكبيرة بسبب تجمع نحو 170 ألف طن من النفايات داخل المدينة والمكبات المؤقتة، ومنع الاحتلال لطواقم البلدية من الوصول للمكب في منطقة جحر الديك شرق المدينة منذ شهر أكتوبر من العام 2023.

تتخوف أمنة السيد من ضرر مكب النفايات العشوائية ومياه الصرف الصحي على صحتها وصحة أطفالها الثلاثة وخشية من الانزلاق بالمياه العادمة التي تملأ منطقة بركة الشيخ رضوان.

تخبرنا أمنة: 'صرنا نستخدم الكمامات ولكن الأخرى لا تحمينا ولا يتحملها الأطفال لعدم قدرتهم على التنفس بشكل طبيعي، وأصبحنا ننخنق من رائحة المجاري، الحياة في المنطقة لا تطاق ولا ملجأ تاني لنا'.

وتشير إلى أنّ طفلها الأكبر محمد (8 أعوام) أصيب بحساسية الصدر، وانتشار الحشرات خاصة البعوض الذي أنهك أجسادهم من اللدغات بشكل متواصل، مبيّنًة أن اضطر بعض الأهالي إخراج أنابيب الصرف الصحي إلى الشوارع لتجنب احتمالية تفجرها داخل منازلهم.

تتساءل: 'لمتى هذا الحال لم نمت من صواريخ الاحتلال خلال الحرب ولكن الآن نموت بفعل البيئة الملوثة؟ إلى متى سنبقى نعاني بسبب النفايات ومياه الصرف الصحي'.

وتطالب أمنة بلدية غزة بعمل خطة فورية لإزالة النفايات من المناطق المكتظة بالسكان التي باتت تشكل خطر حقيقي على حياتهم خاصة المرضى، وإصلاح بعض شبكات الصرف الصحي.

كارثة صحية وبيئية

أطلقت بلديةُ غزّة خطّة طوارئ لإزالة النفايات المتراكمة في مختلف شوارع وأحياء المدينة ومراكز الإيواء، بهدف التخلص من النفايات في الشوارع والأحياء، استجابةً للتّحديات التي تواجهها المدينة في إدارة النّفايات، والتخفيف من الكارثة الصحية والبيئة الكبيرة التي تعيشها المدينة.

وقالت البلديةُ إن الخطّة تعتمد على استخدام مجموعة متنوّعة من الآليات والمعدات لجمع ونقل النفايات من مختلف الأحياء والشوارع، بالإضافة إلى مشاركة فرق عمل متخصصة تضم عمالاً وفنيين ومشرفين؛ لتنظيم عملية الإزالة وضمان فعاليتها، وذلك ضمن مشاريع دعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، ACF، واللّجنة الدّولية للصّليب الأحمر، والقطاع الخاص.

وأوضحت البلديةُ أن مشروع إزالة النفايات ضمن الخطّة يستغرق مدّة ثلاثة إلى أربعة أسابيع، في حال توفّرت الإمكانيات اللاّزمة لإنجازه، لاسيما الآليات الثقيلة وباقي المعدات.

وأضافت أنّ الخطّة تتضمّن تقسيم المدينة إلى قسمين، شرقي وغربي؛ للعمل على إزالة النفايات، وجمع الأكوام المتراكمة على جنبات الطّرق مع التركيز أولاً على الشوارع الرئيسية الطولية والعرضية، ثم الانتقال إلى الأحياء ومراكز الإيواء، حيث تقوم فرق العمل بإزالة النفايات،

وتؤكّد البلديةُ على أهمية التعاون والشراكة مع مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك لجان الأحياء والمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني؛ لإنجاح هذه الخطة، وتدعو جميع المواطنين إلى التّكاتف مع جهود البلدية، والإبلاغ عن أيّ تجمّعاتٍ للنفاياتّ على الرقم 115 وبوابات التواصل الأخرى، وتجنّب رمي النفايات في الأماكن العامة، والمساهمة في الحفاظ على نظافة المدينة.