خاص _ حمزة عماد 

في وقت يعيش فيه سكان قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ المعاصر، تبرز أزمة إغلاق المخابز كأحد أخطر مظاهر الحصار المفروض على القطاع.

مع نفاد الدقيق والسولار، توقفت المخابز عن العمل بالكامل، ما يهدد بحدوث مجاعة جماعية تطال أكثر من مليوني إنسان يعيشون في ظروف حصار خانقة منذ سنوات.

 أزمة المجاعة تنتشر، والأوضاع الإنسانية في قطاع غزة كارثية، كل ما يحدث دفع المؤسسات المحلية والحقوقية لإطلاق نداءات استغاثة للعالم لإنقاذ ما تبقى من حياة تحت الرماد والجوع.

الخبز أصبح حلمًا

رئيس جمعية أصحاب المخابز في قطاع غزة عبد الناصر العجرمي، أكد أن جميع المخابز في القطاع توقفت عن العمل بشكل كامل منذ أسابيع قليلة بسبب نفاد مادتي الدقيق والسولار، وهو ما ينذر بتفاقم أزمة الجوع في ظل استمرار إغلاق المعابر من قبل قوات الاحتلال.

وأشار العجرمي، في تصريح خاص لوكالة 'شهاب'، إلى أن المخابز كانت تشكّل طوق نجاة للمواطنين، تسد رمقهم وتعينهم على مواجهة المجاعة، إلا أن توقفها الكلي فاقم الأوضاع المعيشية إلى مستويات كارثية.

وأضاف أن برنامج الغذاء العالمي أبلغ الجمعية رسميًا بنفاد كميات الدقيق من مخازنه، ما أدى إلى توقف 18 مخبزًا كانت تتلقى دعمه.

وبين العجرمي أن هذا التوقف شكل ضربة قاسية للفقراء والنازحين الذين كانوا يعتمدون بشكل رئيسي على الخبز المدعوم.

وشدد العجرمي على أن إعادة تشغيل المخابز بات أمرًا مستحيلًا دون فتح المعابر لإدخال المواد الأساسية، وعلى رأسها الطحين والوقود، موجهًا مناشدة عاجلة إلى الأمم المتحدة، والدول العربية والإسلامية، للتحرك الفوري والضغط على الاحتلال من أجل السماح بدخول الإمدادات.

وحذر من أن كميات الدقيق المتبقية لدى المواطنين لا تكفي لأكثر من ثلاثة أسابيع، ما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة إذا استمر الصمت الدولي.

مناشدات لا تتوقف 

من جانبه، قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني 'حشد' الدكتور صلاح عبد العاطي، إن قوات الاحتلال تواصل ارتكاب جريمة إبادة جماعية في غزة للشهر الثامن عشر على التوالي، وسط صمت دولي مخزٍ، وعجز عن وقف المجازر والانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بشكل ممنهج.

وأوضح عبد العاطي خلال تصريح خاص لوكالة 'شهاب' للأنباء، أن الاحتلال ومنذ خرقه لاتفاق التهدئة في 18 مارس 2025، وسّع عملياته العسكرية بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى استشهاد نحو 2000 فلسطيني وإصابة أكثر من 5000، معظمهم من النساء والأطفال وبهذا، يرتفع العدد الإجمالي لضحايا العدوان المستمر إلى أكثر من 65 ألف شهيد ومفقود، و17 ألف جريح.

وأكد أن الاحتلال يستخدم أسلحة محرّمة ويستهدف مراكز صحية ومخيمات للنازحين، فيما يواصل إغلاق المعابر منذ أكثر من 50 يومًا، ما تسبب في تفشي المجاعة ونفاد الإمدادات الأساسية التي تهدد حياة أكثر من 2.3 مليون إنسان، نصفهم من الأطفال.

وأضاف أن الاحتلال يستخدم سلاح الجوع بحق المدنيين في قطاع غزة من أجل أغراض سياسية، مؤكدًا أن هذا الأمر مخالف للقوانين الدولية والإنسانية.

وأشار عبد العاطي إلى أن المعابر مغلقة بشكل كامل ولا دخول للمساعدات، مشددًا على أن هذا الأمر أثر بشكل كبير على المدنيين وفاقم المجاعة وسارع بانتشارها.

ودعا الحقوقي عبد العاطي المؤسسات الدولية والحقوقية للتدخل من أجل وقف سياسية التجويع وإدخال المساعدات بشكل يومي.

أمام هذه الصورة القاتمة، يبقى فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية أولوية قصوى لدرء مجاعة تلوح في الأفق وتفادي انهيار إنساني شامل.

إن صمت العالم وتراخيه أمام ما يجري في غزة، من إغلاق ممنهج للمنافذ واستهداف المدنيين وحرمانهم من أبسط حقوق الحياة، هو وصمة أخلاقية في جبين الإنسانية.