في بلد تتزاحم فيه الأزمات، تبقى السلامة المرورية من الملفات المهملة رغم أنها تمسّ حياة اللبنانيين يوميًا. وعلى الرغم من إدراج هذا الملف ضمن البيان الوزاري كأولوية، إلا أن الواقع يُظهر أن الطرقات ما زالت محفوفة بمخاطر حصول حوادث السير، في ظل غياب واضح للتطبيق الفعلي للقانون، وضعف الرقابة، وتدهور البنية التحتية. فبدلاً من أن تسير المعالجات بخطى ثابتة، تشهد السلامة المرورية تراجعاً مقلقاً مع ارتفاع عدد الحوادث وغياب الإجراءات الرادعة، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى خطوات حاسمة وليس إلى وعود معلّقة.

وفي حديث لـ نداء الوطن، أشار رئيس جمعية إليازا إنترناسيونال الدكتور زياد عقل، إلى أن السلامة المرورية في لبنان تشهد تراجعًا مستمرًا، رغم أن الحكومة وضعت الملف ضمن أولوياتها في البيان الوزاري. ومع ذلك، وبعد مرور نحو أربعة أشهر، لم يتم تحقيق أي تقدم جدي في هذا المجال، مع وجود تحسن طفيف فقط.

وعن عودة أرقام الحوادث إلى مستويات ما كانت عليه قبل عام 2019، أوضح عقل أن الأرقام أصبحت تقريبًا مماثلة لتلك الفترة. وأكد أن هناك سبباً رئيسيًا لذلك، وهو توقف المعاينة الميكانيكية في عام 2022، وهو أمر خاطئ وجسيم. إذ كان يجب إصلاح هذا النظام، فالكثير من الشاحنات تتجول في البلاد من دون إجراء المعاينة الميكانيكية، ما أدى إلى زيادة حوادث الشاحنات في مختلف المناطق اللبنانية.

وفي ما يتعلق بالمناطق الأكثر خطورة، لفت عقل إلى أن جميع المناطق في لبنان تعاني من مخاطر مرورية، إلا أن الطرقات الرئيسية تعاني بشكل أكبر بسبب غياب تطبيق القانون. وأضاف أن وزارة الأشغال تبذل جهوداً متزايدة لصيانة الطرقات، على أمل تحقيق صيانة أفضل في أسرع وقت ممكن. كما أعرب عن أمله في أن تلعب البلديات الجديدة دورًا أساسيًا في تعزيز السلامة المرورية، كما هو الحال في الدول الأخرى.

على صعيد آخر، نفى عقل تصنيف لبنان كواحد من الدول الأسوأ عالمياً في مجال السلامة المرورية وقال: يمكن وصف الوضع بالسيئ، ولكنه ليس الأسوأ.

وفيما يؤكد عقل على الغياب التام للمراقبة وتطبيق قانون السير حاليًا، وفي ظل هذا الواقع المقلق، تبقى السلامة المرورية في لبنان بحاجة إلى إرادة سياسية جدية، وتفعيل حازم للقوانين، وخطة متكاملة تعيد للطرقات أمانها وللناس ثقتهم بأن حياتهم ليست مجرّد أرقام في إحصاءات الحوادث.