اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في وقتٍ ما تزال فيه الثقافة في لبنان تُكافح للبقاء وسط الأزمات المتلاحقة والحروب العشوائيّة، تعيشُ مصر نهضة ثقافية جديدة توّجت بافتتاح المتحف المصري الكبير، أحد أكبر الصروح الحضارية في العالم. مشهدان متقابلان في بلدين عربيين يتشاركان عظمة التاريخ، ولكنهما يسلكان طريقين مُختلفين في الحفاظ على إرثهما الثقافي. فلماذا لا تحذو بيروت حذو القاهرة وتستثمر في تاريخها وثقافتها الغنيّة؟ في لبنان، لطالما كانت ولا تزال الثقافة ضحية الأوضاع الاقتصادية والسياسية والإهمال المستمرّ من وزير الى آخر. هنا، المتاحف تفتقر إلى التمويل، والحصون التاريخيّة تعيش إهمالاً كبيراً ويكاد لا يزورها أيّ سائح، والمبدعون يهاجرون بحثاً عن بيئة تحترم فنهم وتقدّر إنتاجهم رغم أن بلدهم فيه الكثير من الكنوز التاريخيّة التي تمتّد من الفينيقيين إلى العصر الحديث.في لبنان أيضاً، كانت بيروت تُعرف بعاصمة النشر والفكر في الشرق الأوسط، لكنّ المشهد الثقافي اختلف كثيراً وتراجع بشكلٍ صادم الى حدّ عدم الاكتراث نهائياً بهذا القطاع. فلبنان يخصّص في موازناته العامة أدنى النسب والمبالغ للثقافة مقارنة بمحيطه العربي، وتعيش المعالم التاريخيّة فيه تحت التهديد الإسرائيلي الدّائم تماماً كما حصل مع قلعة بعلبك منذ أشهرٍ قليلة حيث كانت على موعد مع دمار شامل يمحيها تماماً من دونّ أيّ حماية محلية أو دوليّة. أمّا المتحف الوطني في بيروت، الذي يُعدّ من أهم رموز الذاكرة اللبنانيّة، فيعاني من نقصٍ كبيرٍ في الموارد التشغيلية وضعف فاضح في الترويج السياحي.في مصر التي أبهرت العالم منذ أيّام في افتتاح أكبر متحف في العالم للحضارة المصرية القديمة، تحوّل الاستثمار في الثقافة إلى مشروع وطني يسلّط أضواء العالم أجمع على حضارة هذا البلد ويثبّت اهتمام حكامه بهويتهم ما يُعيد ربط المصريّين بجذورهم، ويحوّل التراث إلى مورد سياحي واقتصادي ضخم سيُدخل الملايين من الدولارات الى القاهرة. والأهم أنّ هذا المشروع لا يقتصر على المتحف نفسه، بل يشمل بنية تحتية كاملة لدعم سياحة الفنّ والتراث.
يتحدّث السياسيّون عن أهمية السياحة في لبنان من دون أنّ يتحرّكوا أو يخطّطوا لمشاريع ضخمة على غرار المتحف المصري، لأنّ هذا القطاع لا يزال في آخر الأولويات. فما الذي يمنعنا من صنع تجربة مماثلة عبر جذب استثمارات خارجيّة لتمويل هكذا مشروع إن تعذّر تخصيص مبالغ في الموازنة؟ وما الذي يُعيق الترويج لثقافة لبنان وتاريخه عبر حملات ضحمة في العالم يُساهم فيها المغتربون؟ تخيّلوا كم سيُدخل هكذا مشروع الى خزينة الدّولة... الملايين طبعاً، بالإضافة الى ترويج أجمل صورة عن لبنان، وهو ما لا يقدّر بأي ثمن. تجربةُ مصر الأخيرة تجعلنا نتفرّج ونغار كلبنانيّين منها. الثقافة اليوم لم تعد ترفاً بل هي استثمارٌ فعّال في الاقتصاد والهوية معاً. وكلاهما، للأسف، أمام مصير الزّوال...











































































